ببطء وتأني واضحين، تتسلل حاليا تقنية ” فقط اخرج” أو بالعامية “بس اخرج” شيئا فشيئا داخل محلات البقالة والأطعمة والخضروات والفواكه، جاعلة من نفسها شعار أو “موضة رقمية” مستقبلية مستندة الي المزج القوى بين بتقنيات الرؤية بالحاسب والمستشعرات الالكترونية الدقيقة والتعلم العميق، وأنظمة الدفع الالكترونية، التي تسمح لك بدخول محل البقالة أو مركز البيع بالتجزئة، أو محل الخضروات والفواكه والاطعمة الطازجة، وانتقاء ما تريد أو تحتاج، وبمجرد الانتهاء من التسوق، ووضع أغراضك في حقيبة بلاستيك، تجد نفسك في مواجهة تقنية “فقط اخرج”، لتغادر المكان من دون أي شيء يتعلق بالدفع، لا طابور ولا خزينة أو خلافه، لأن ثمن البضاعة يكون قد وصل للمحل بطريقة أخرى لا تشعرك بشيء على الإطلاق.
موضة وتقنيات عديدة
|
موضة “بس اخرج” تقف ورائها تقنيات عديدة، جميعها يتعلق بنقل مفهوم “الإدارة الذاتية” الآلية الكاملة للمتاجر ومحال التجزئة والبقالة والأطعمة، وهو مفهوم تقوده شركة أمازون التي تبنت منذ العام 2018، حينما افتتحت أول متجر لها ذاتي القيادة، واطلقت عليه “أمازون جو”، الذي أنشئ حصيصا ليعمل بمفهوم الإدارة الذاتية، خاصة فيما يتعلق بتقنيات الدفع والتسوية المالية مع المتسوقين، ومن ابرزها التقنية المعروفة باسم ” فقط اخرج Just Walk Out” والتي يمكن القول أن أقرب مفهوم لها في العامية العربية هي “بس اخرج”، ثم أنشأت متجرا آخر يعمل بالتقنية نفسها في عام 2020.
وهذا الأسبوع اتخذت أمازون نهجا جديدا، وهو نشر تقنية “فقط اخرج” في المحال والمراكز التجارية القائمة بالفعل، وليس فقط في محال ومراكز يتم انشائها من البداية خصيصا للعمل بها، حيث دفعت بهذه التقنية إلي اثنين من محال “هوول فودز” للأطعمة والخضروات والفواكه الطازجة، وهي سلسلة المطاعم التي استحوذت عليها أمازون قبل فترة، فضلا عن متاجر “أمازون فريش”، كما أعلنت ان التقنية جاهزة للتشغيل لأي من تجار التجزئة الآخرين من خارجها.
ملخص “فقط اخرج”
تتلخص تقنية “فقط اخرج” في أن من يرغب في التعامل مع المتاجر والمحال العاملة بها، عليه أن يستخدم تطبيقات المحمول ومتصفحات الويب أولا، وينشئ لنفسه حساب على موقع أمازون، ثم يقوم بتنزيل تطبيق “أمازون جو” أو “أمازون فريش” المجاني على هاتفه الذكي، ثم يقوم بتنشيطه وتشغيله علي الهاتف، وفي لحظة دخوله المتجر، يتعين عليه تعريض هاتفه المحمول لشاشة صغيرة مثبتة علي الباب الدوار، فيحدث تواصل و”نقاش” بين الهاتف والباب يستغرق كسر من الثانية، ليقرر الاثنان معا ما إذا كان الشخص له حق الدخول أم لا.
بعد الدخول تقوم تقنية “فقط اخرج” بإنشاء بطاقة او هوية رقمية لهذا الشخص، داخل التطبيق الخاص به علي الهاتف دون أن يشعر بشيء، وتبدأ البطاقة في العمل، فيحدث التكامل والارتباط بين التطبيق ونظام القيادة الذاتية بالمتجر، وعلي الفور يبدأ نظام الرؤية الآلية بالحاسب في رصد وتتبع كل حركات وسكنات الزبون بصورة لحظية متصلة، ويظل هذا الأمر يجري بلا انقطاع حتي لحظة خروجه من المتجر، ليعرف النظام كل شيء يقوم به المتسوق، والاصناف التي اختارها، ونوعيتها وثمنها، وكمياتها ومواصفاتها الكاملة، حتى لو قام باختيار صنف وإعادته للرف، وفي لحظة الخروج من المتجر، تتم عملية دفع الكتروني في كسر من ثانية، يتم من خلالها خصم قيمة ما يحمله الشخص من اشياء من حسابه البنكي، والمصادقة علي ذلك، وفي الوقت نفسه خصمها من رصيد المخزون بالمتجر، وعمل كل التسويات المالية والتشغيلية المطلوبة، واعطاء أمر للباب المؤمن بالسماح للشخص بالخروج ومغادرة المتجر، ليتسلم وهو علي الباب إيصال دفع مطبوع يوضح له ما قام بشرائه وما تم خصمه من حسابه البنكي.
|
وقالت أمازون أنها قامت بتوسيع خوارزميات الرؤية بالحاسب الخاصة بتقنية “فقط اخرج” لتدعم جميع الاختيارات في أسواق ومحال هول فودز، حيث سيتمكن الزبائن من التسوق من الأرفف والاقسام التي تحتوي علي العصائر والآيس كريم والفواكه، بطريقة الخدمة الذاتية، ثم الدفع بتقنية “فقط اخرج” دون تعديل أي من عادات التسوق، حيث تم الربط والتكامل بين أنظمة الدفع والمعالجة الخاصة بمحلات هول فودز وتقنية فقط اخرج، لاستيعاب العملاء والزبائن الذين يرغبون في التسوق بهذه التقنية المعمول بها في متاجر امازون المخصصة لذلك.
هكذا فإنه في يوم ما مستقبلا، حينما تصبح تقنية “فقط اخرج” شعارا عاما، وموضة للجميع، سيمكنك الدخول الي المحال بسرعة، وتنتقي ما تريد بينك وبين نفسك بمنتهي الخصوصية، وكأنك حريص علي أن يتم ذلك بعيدا عن الأعين، وبمنتهي السرعة والسلاسة من دون أن يراك أحد، ثم تغادر المتجر بالسرعة نفسها، دون أن تتحدث مع أحد أو تدفع لأحد أو يزعجك أحد، أو يكسر خلوتك الشرائية أحد، ويمكن التعرف علي مزيد من التفاصيل في الفيديو التالي:
أصبحت تقنية “فقط اخرج” قادرة علي العمل بهذه الطريقة، من خلال الجمع بين تقنيات الرؤية بالحاسب، وأجهزة الاستشعار الدقيقة عالية الحساسية، وتقنية التعلم العميق، التي تعد من ابرز تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك على غرار ما يحدث في أنظمة السيارات ذاتية القيادة.
ليست بمفردها
لا تعمل أمازون بمفردها في هذا المجال، وإن كانت رائدة وسباقة فيه، بل هناك العديد من الشركات الكبرى والناشئة تتنافس على نشر مفاهيم الإدارة الذاتية أو القيادة الذاتية داخل محال التجزئة، لكن انتقال أمازون الي مرحلة نشر تقنياتها الخاصة خارج متاجرها المخصصة للإدارة الذاتية، يعمل علي تسريع نشر تقنية “فقط اخرج” وجعلها موضة في عالم تجارة التجزئة.
ووفقا لما نشرته أمازون علي غرفة الاخبار بموقعها الرسمي قبل أيام فإن المتسوقين في متجر هوول فودز بحي جلوفر بارك بواشنطن العاصمة، ومتجر شيرمان أوكس بكاليفورنيا سيكون لديهم خيار تخطي خط الخروج من المتجرين، مع الحصول علي المنتجات عالية الجودة والخدمة الاستثنائية من أعضاء الفريق الذي يعمل بالمتجر، بفضل تقنية “فقط اخرج” للدفع وإدارة المتجر، التي تجعل تجربة التسوق سهلة للغاية، وتقتصر فقط علي وقت الشراء وانتقاء الأصناف التي يرغبها المستهلك، أما الدفع فلا وقت له على الإطلاق، لكونه يتم آليا ولحظيا.
|
