موجة المطاعم والمتاجر ذاتية القيادة تتصاعد وأمازون في المقدمة

تواصل موجة المطاعم والمتاجر ذاتية القيادة الخالية من سيطرة البشر تصاعدها بوتيرة متسارعة، تتركز قمة موجة المطاعم والمتاجر ذاتية القيادة، الخالية من سيطرة البشر، لتدشن بذلك ما يمكن وصفه بمرحلة جديدة في تجارة التجزئة علي وجه الخصوص، والعلاقة بين التقنية والبشر علي وجه العموم، سواء علي صعيد التفاعل ما بين خدمة ومنتج من جهة، ومستهلك ومشتري من جهة أخري، أو على صعيد التنافس علي فرص العمل بين التقنية والروبوتات والبشر العاديين، وعمليا تتصدر شركة أمازون هذه الموجة بأكبر نموذجين وأكثرهما نضجا في هذا السياق، وهما مطعم امازون “جو” بسياتل،  ومتجر أمازون “فريش” بلوس انجلوس، والأول افتتح رسميا للجمهور في 2018، والثاني في 2020.
مطعم “جو” ومتجر  “فريش” أول أماكن تسوق خالية من سيطرة البشر
الحاسبات والكاميرات والمحمول يديرون حركة البيع والشراء والدفع 
وداعا للعمال وطابور الخزينة   وأهلا بالدفع اللاتلامسي والرؤية بالحاسب
قمة الاختلاط والتمازج التقني
في المتاجر والمطاعم ذاتية القيادة، يختفي البشر تقريبا، وتسيطر التقنية بنظمها وأدواتها علي كل شيء من البداية للنهاية، دون أن يظهر منها شيء، أو يحس أحد بشيء مما تفعله نظم المراقبة بالكاميرات والتداول اللاسلكي للبيانات والمعلومات، ونظم الدفعة المميكنة بالكامل، ونظم إدارة المخزون والعرض والمحاسبة، ودون أن يلاحظ أو يعرف احد شيء عن الاختلاط والتمازج التقني الذي يصل إلي قمته، بين قدرات شبكات الاتصالات اللاسلكية العاملة في المتجر، وبين خدمات ويب أمازون علي الانترنت، وتطبيقات المحمول المثبتة علي هواتف المستهلكين، وقوة الحوسبة الموجودة بالهواتف الذكية، والحسابات البنكية المرتبطة بعمليات الدفع، ولا يشعر أحد بأن كل هذه الاشياء والادوات والأنظمة تتجمع معا في نقطة واحدة، في لحظة زمنية واحدة، من أجل دفع ثمن شطيرة أو زجاجة مياه غازية، تلتقطها يد زبون أو مستهلك، من علي رف المتجر، بعد أن دخله مسرعا وغادره مسرعا، وكأنه يسرق أو يستولي علي شيء وهو حريص علي ان يتم ذلك بمنتهى السرعة والسلاسة من دون أن يراه أحد أو يتحدث مع احد أو يدفع لأحد.
وتظهر داخل المتجر أجهزة المساعدات الصوتية الرقمية الذكية أليكسا، بدلا من العمال والموظفين، لمساعدة الزبائن في العثور على ما يريدون من سلع، يضعونها في عربات تسوق ذكية، تتعرف على الهاتف المحمول للزبون، وما قام بشرائه من بنود، يدفع ثمنها لاسلكيا و”لا تلامسيا” اثناء التسوق بدون خزينة دفع، ليتم تعبئتها وتسليمها له بمكتب خدمة على باب الخروج، أو على باب سيارته عند التحرك من أماكن الانتظار.
في هذا المستوي الراقي من التمازج التقني،  ينقل المتجر ذاتي القيادة  المفهوم المطبق في مجال السيارات ذاتية القيادة، فمثلما تقود السيارة نفسها اعتمادا على نظام للرؤية بالحاسب، يتكون من كاميرات عالية الدقة واجهزة استشعار مبثوثة في كل ارجاء السيارة، فضلا عن حاسب قوي لمعالجة وتطبيقات وأدوات معتمدة على الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة والتحليل اللحظي للبيانات الضخمة.
خبرة تسوق غير مسبوقة
طبقا لشرح قدمه  جيف هيلبلينج نائب رئيس قطاع “امازون للمتاجر الطازجة” عبر  المدونة الرسمية لأمازون blog.aboutamazon.com ، فإن من يرغب في التعامل مع متاجر أمازون ذاتية القيادة عليه أن يستخدم تطبيقات المحمول ومتصفحات الويب أولا، و ينشئ لنفسه حساب على موقع أمازون، ثم يقوم بتنزيل تطبيق “أمازون جو” أو “أمازون فريش” المجاني على هاتفه الذكي، ثم يقوم بتنشيطه وتشغيله علي الهاتف، وكل من لا يقوم بهاتين الخطوتين، لن يمكنه المرور عبر الباب الدوار المؤمن الخاص بالمتجر، وسيظل خارجه، لأنه في لحظة الدخول يتعين علي الزبون أن يقوم بتعرض هاتفه المحمول لشاشة صغيرة مثبتة علي الباب الدوار، فيحدث تواصل و”نقاش” بين الهاتف والباب يستغرق أقل من ثانية، ليقرر الإثنان معا ما إذا كان الشخص له حق الدخول أم لا.
إنشاء الهوية الرقمية

لو كان القرار هو السماح بالدخول، يقوم المتجر بإنشاء بطاقة او هوية رقمية لهذا الشخص، داخل التطبيق الخاص به علي الهاتف دون أن يشعر بشيء، وتبدأ البطاقة في العمل، فيحدث التكامل والارتباط بين التطبيق ونظام القيادة الذاتية بالمتجر، وعلي الفور يبدأ نظام الرؤية الآلية بالحاسب في رصد وتتبع كل حركات وسكنات الزبون بصورة لحظية متصلة، ويظل هذا الأمر يجري بلا انقطاع حتي لحظة خروجه من المتجر، ليعرف النظام كل شيء يقوم به المتسوق، والاصناف التي اختارها، ونوعيتها وثمنها، وكمياتها ومواصفاتها الكاملة، حتى لو قام باختيار صنف وإعادته للرف، وفي لحظة الخروج من المتجر، تتم عملية دفع الكتروني في أقل من ثانية، يتم من خلالها خصم قيمة ما يحمله الشخص من اشياء من حسابه البنكي، والمصادقة علي ذلك، وفي الوقت نفسه خصمها من رصيد المخزون بالمتجر، وعمل كل التسويات المالية والتشغيلية المطلوبة، واعطاء أمر للباب المؤمن بالسماح للشخص بالخروج ومغادرة المتجر، ليتسلم وهو علي الباب إيصال دفع مطبوع يوضح له ما قام بشرائه وما تم خصمه من حسابه البنكي.