شرائح ذاكرة مستوحاة من المخ تفتح المجال لثورة في اشباه الموصلات

ذاكرة
أعلن باحثون بجامعة سنغافورة الوطنية  صباح اليوم عن نجاحهم في تطوير نوعية جديدة من شرائح الذاكرة الالكترونية مستوحاه من الدماغ البشرية، وقابلة لإعادة التشكيل، وتتمتع بالبساطة والقدرة الحسابية العالية والسرعة الفائقة في العمل، مما يفتح الباب نحو إحداث ثورة كبيرة في تصميم أشباه الموصلات والشرائح الالكترونية عموما.
وقال الباحثون في بيان نشرته الجامعة على موقعها قبل قليل أن شرائح الذاكرة الجديدة، التي تم تطويرها بالتعاون مع فريق أبحاث دولي، تنتمي إلي فئة شرائح الذاكرة المصنعة باستخدام “الميمريستور”، أو مكون الذاكرة الالكتروني الذي يتمتع بإمكانية إعادة تكوين ذاكرة استثنائية، ويختلف كثيرا عن “الترانزستور” المستخدم حاليا في تصنيع الشرائح الالكترونية، والذي يعتمد على الدوائر المنطقية لأشباه الموصلات القائمة على المفاتيح السلكية لأداء وظائف منطقية محددة مسبقًا.
تقوم بعدة عمليات حسابية في وقت واحد بأضعاف السرعات الحالية
ونشر البحث الخاص بهذا التطور كاملا اليوم بمجلة نيتشر العلمية المتخصصة، ونُفذ بالتعاون مع الرابطة الهندية لزراعة العلوم ، وشركة هيوليت باكارد إنتربرايز ، وجامعة ليمريك ، وجامعة أوكلاهوما ، وجامعة تكساس إيه آند إم.
ووصف الباحثون المكون الجديد بأنه “ميمريستور جزيئي” قادر علي إعادة التشكيل والتكوين باستخدام الجهد، لانجاز مهام حسابية مختلفة، ويمكن استخدام التكنولوجيا الجديدة الموفرة للطاقة ، والقادرة على تعزيز قوة وسرعة الحوسبة ، في الحوسبة المتطورة ، بالإضافة إلى الأجهزة المحمولة باليد والتطبيقات ذات موارد الطاقة المحدودة.
محاكاة للمخ البشري
وقال الدكتور سريتوش جو سوامي الأستاذ بقسم الفيزياء في جامعة سنغافورة الوطنية ورئيس الفريق البحثي أن شرائح الذاكرة الجديدة، تحاكي طريقة المخ البشري في العمل، فعلى غرار المرونة والقدرة على التكيف للوصلات في الدماغ البشري ، يمكن إعادة تكوين جهاز الذاكرة الخاص بنا سريعًا للقيام بمهام حسابية مختلفة عن طريق تغيير الفولتية المطبقة ببساطة، وعلاوة على ذلك ، مثل كيف يمكن للخلايا العصبية تخزين الذكريات ، يمكن للجهاز نفسه أيضًا الاحتفاظ بالمعلومات لاسترجاعها ومعالجتها في المستقبل.
يمكن برمجتها وإعادة تشكيلها لتنفيذ عمليات مختلفة باللحظة التالية
وللوصول إلي الميمرستور الجزيئي الجديد، وضع الفريق تصميما لنظام جزيئي ينتمي إلى عائلة فينيل آزو بيريدينات الكيميائية التي لها ذرة معدنية مركزية مرتبطة لجزيئات عضوية تسمى الروابط، وهذه الجزيئات تشبه الإسفنج الإلكتروني الذي يمكن أن يقدم ما يصل إلى ستة عمليات نقل إلكترونية مما ينتج عنه خمس حالات جزيئية مختلفة، والترابط بين هذه الحالات هو المفتاح وراء إعادة تكوين الجهاز.
واحد مقابل آلاف
وقال الدكتور جو سوامي انه تم خلال الأبحاث انشاء دائرة كهربائية صغيرة تتكون من طبقة 40 نانومتر من الفيلم الجزيئي المحصورة بين طبقة عليا من الذهب وطبقة سفلية من الذهب النانوي وأكسيد القصدير الإنديوم، ولوحظ وجود ملف تعريف غير مسبوق للجهد الحالي عند تطبيق جهد سلبي على الجهاز، وذلك على عكس ميمريستورات أكسيد الفلز التقليدية التي يتم تشغيلها وإيقافها بجهد ثابت واحد فقط،  وهذه الخاصية الجديدة تجعل من الممكن لهذه الأجهزة الجزيئية العضوية التبديل بين حالات التشغيل والإيقاف عند العديد من الفولتية المتسلسلة المنفصلة.
تتسم بالمرونة والقدرة علي تخزين أوامر العمليات واسترجاعها تلقائيا
وبناء على هذه النتائج استخدم الفريق أجهزة الذاكرة الجزيئية لتشغيل برامج لمختلف المهام الحسابية في العالم الحقيقي، وكدليل علي صحة نتائجهم تمكن الفريق من إثبات أن تقنيهم الجديدة ​​يمكن أن تؤدي العديد من العمليات الحسابية المعقدة في خطوة واحدة ، ويمكن إعادة برمجتها لأداء مهمة أخرى في اللحظة التالية، وبالتالي يمكن لجهاز الذاكرة الجزيئي الواحد أن يؤدي نفس الوظائف الحسابية مثل آلاف الترانزستورات ، مما يجعل التكنولوجيا خيار ذاكرة أكثر قوة وكفاءة في استخدام الطاقة، يمكن استخدام هذه التقنية أولاً في الأجهزة المحمولة باليد ، مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الاستشعار ، والتطبيقات الأخرى التي يتم فيها استخدام الطاقة.
اختراق علمي كبير
وأوضح الدكتور أرياندو الأستاذ المساعد بقسم الفيزياء بجامعة نيو ساوث ويلز والذي قاد البحث أن هذا العمل هو اختراق كبير في سعينا لتصميم حوسبة منخفضة الطاقة، وقائم على استخدام فكرة التحويل المتعدد في عنصر واحد، وهي فكرة مستوحاة من الكيفية التي تعمل الدماغ أو المخ البشري، وإعادة تصور استراتيجية تصميم الدائرة المنطقية بشكل أساسي، وأضاف أن هذا الاكتشاف الجديد يمكن أن يساهم في التطورات في الحوسبة المتطورة كنهج متطور للحوسبة في الذاكرة للتغلب على المشكلة المعروفة باسم “عنق زجاجة فون نيومان”، وهو التأخير في المعالجة الحسابية الذي شوهد في العديد من التقنيات الرقمية بسبب الفصل المادي لتخزين الذاكرة من معالج الحاسب.