فيما تعيش الشاشات الرقمية المستخدمة حاليا في معظم الحاسبات والهواتف والأجهزة الالكترونية ازهي عصورها، ظهرت مؤخرا النماذج الأولية لجيل جديد تماما ومختلف من الشاشات هو “الشاشات العاكسة الملونة”، الذي يمثل ثورة كاملة على الشاشات الرقمية، يتوقع أن تعترض مسيرتها خلال السنوات القليلة المقبلة، وتنهي عصرها الزاهي القائم الآن، وربما تهددها بالفناء خلال عقد من الزمان على الأكثر، فهي شاشات بالغة الرقة والنحافة يبلغ سمكها مايكرومتر واحد، واستهلاكها من الطاقة يقترب من الصفر، وقادرة على عرض صورة عالية الوضوح زاهية الألوان في ضوء الشمس المبهر الساطع، وهي أقل اجهادا للعين، لأنها تعمل بنظرية معاكسة للشاشات الحالية، ومتوافقة بل وتحاكي نظرية عمل العين البشرية.
الشاشات العاكسة الملونة، مصطلح يطلق على الشاشات أو الورق الالكتروني بالغ الرقة والنحافة، لا ينبعث منها الضوء من خلفها كما هو الحال مع الشاشات الرقمية الحالية، فيسقط على محتواها فتظهر الأشياء أمام الاعين التي تنظر إليها، بل يسقط عليها الضوء من خارجها، بالمحيط القائم من حولها، فينير الأشياء الموجودة بها، ثم ينعكس مرة أخرى إلي ما حولها، لتراه الأعين، تماما مثلما يحدث مع جميع الأشياء التي نراها بأعيننا حينما يسقط عليها ضوء الشمس وضوء النهار، ولا نستطيع رؤيتها في الظلام أو عند اختفاء الضوء.
|
وفقا لهذه الحقيقة، فإن الشاشات الرقمية تعمل جيدا في الظلام، وتقل جودتها وتتراجع تفاصيل محتوياتها كلما زاد الضوء، وفي ضوء الشمس المباشر المبهر، يمكن ان تتبدد رؤيتها تماما، أما الشاشات العاكسة الملونة، فهي تعمل بكامل طاقتها وكفاءتها في ضوء الشمس ووجود مصادر الضوء الأخرى، لذلك يمكنك ان تتخيل نفسك بسهولة حال وصول هذه الشاشات للأسواق، جالسا في الشمس، تقرأ من شاشة الكترونية أقل سمكا من الورق، وتعرض عليك صورا زاهية الألوان، بكامل تفاصيلها المذهلة كما لو كنت تشاهد أشياء على شاشة رقمية في الظلام مثلما يحدث في قاعات السينما.
شاشات عاكسة ابيض وأسود
والشاشات العاكسة العاملة بالمفهوم المناقض للشاشات الرقمية، والمتوافق مع نظرية العين البشرية، موجودة بالفعل وليست حلما أو فرضيات بعيدة عن الواقع، لكنها تعمل فقط باللون الأبيض والأسود، أو حضور الضوء الحامل لكل الألوان معا لإنتاج الأبيض، او اختفائه لإعطاء الأسود، وهذا ما يجعلها محدودة الانتشار والاستخدام، ولا تقوى على منافسة الشاشات الرقمية الحالية التي تعرض صورا ملونة فائقة الوضوح.
|
لكن فريقا من الباحثين بقسم الكيمياء والهندسة الكيميائية بجامعة تشالمرز للتقنية بالسويد حقق تقدما على طريق انتاج الشاشات العاكسة الملونة، انطلاقا من ان الانتقال بها من الأبيض والأسود الي الملون، هو السبيل الوحيد لجعلها تنافس الشاشة الرقمية كثيفة الاستهلاك للطلاقة، حيث يجب إعادة إنتاج الصور والألوان بنفس الجودة العالية، لكي تحقق ما تحققه الشاشات الرقمية، وحال تحقق ذلك سيكون هذا هو الاختراق الحقيقي الذي يجعلها جذابة للاستخدام التجاري.
انجاز جديد
خلال السنوات الماضية عمل الفريق البحثي بجامعة تشالمرز على محاولة إيجاد مواد لتصنيع شاشات عاكسة ملونة، وهذا الأسبوع أعلن الفريق عن نتائج جديدة مشجعة للغاية، تمثلت في الوصول الي النماذج الأولية للمواد التي يمكن استخدامها صناعي بعد ذلك في إنتاج الشاشات العاكسة الملونة، ونشروا جانب من تفاصيل هذا الإنجاز على موقع الجامعة ، وبالإضافة إلي ورقة بحثية في كل من مجلة نانو ليتر Nano Letter، و مجلة المواد المتقدمة ذائعة الصيت عالميا في علوم المواد، وقال الباحثون أنهم نجحوا خلال هذه الأبحاث في تطوير مادة مرنة فائقة النحافة تعيد إنتاج جميع الألوان التي يمكن لشاشة ليد عرضها، بينما تتطلب فقط عُشر الطاقة التي يستهلكها الحاسب اللوحي القياسي، وفي البحوث الأولى لم يتم عرض الألوان على الشاشة العاكسة بالجودة المثلى، وفي البحث الأخير، تم تحقيق خطوة للأمام، بعد استخدام مادة تم بحثها سابقًا ، مسامية وذات بنية نانوية ، تحتوي على ثالث أكسيد التنجستن والذهب والبلاتين، وحققت تقدما كبيرا في تحويل الشاشات العاكسة إلي شاشات ملونة.
تصميم جديد
|