ماذا تعرف عن مفهوم المنصات كخدمة “باس”.. الطريقة الأبسط لإنشاء التطبيقات

المنصات كخدمة
لم تعد صناعة البرمجيات قاصرة علي المفاهيم التقليدية المتعارف عليها، التي تقوم فيها شركة برمجيات او تقنية معلومات بإنتاج تطبيق أو نظام أو منصة برمجية ما وتدعو الناس لشرائها، بل بات هناك مفاهيم أخرى، تقدم كل شيء كخدمة، مثل خدمة “باس”، ولعلك لا تعرف أن الكثير من الأشياء التي تتعامل معها كل يوم عبر الإنترنت، هي في جوهرها جزء من خدمات “باس” واسعة الانتشار الآن عبر الشبكة، فما هي خدمة “باس”، وما مزاياها ونقاط ضعفها واشهر أمثلتها ونماذجها علي الساحة؟
المفهوم والمعني
من حيث المعني اللغوي، فإن خدمة” باس” تعني “تقديم المنصات كخدمة Platform as a service”، ويتم اختصارها الي “باس PaaS “، وهي الاحرف الأولي من الكلمات المتضمنة في هذه الجملة.
ومن حيث المفهوم، يقصد بها أن تكون هناك جهة توفر منصة أو نظام أساسي برمجي كامل مخصص لتطوير البرمجيات والتطبيقات، وإتاحته لمن يرغب من المطورين والمبرمجين وأصحاب الشركات والمؤسسات حول العالم، ويضم كل المكونات والبنية التحتية اللازمة لتطوير البرامج والتطبيقات وتشغيلها وإدارتها وصيانتها بصورة مبسطة وسهلة وسريعة الإعداد والاستخدام، دون الحاجة إلي امتلاك أو إنشاء أو صيانة البنية التحتية المعلوماتية اللازمة لذلك، ويتيح هذا التبسيط تطوير البرامج بشكل أسرع وأسهل، بالإضافة إلى تقليل نطاق عمل المطور عن طريق إخفاء موارد الحوسبة والتخزين وقاعدة البيانات ونظام التشغيل الأساسية والشبكة المطلوبة لتشغيل التطبيق، ويتقاضى موفر باس رسومًا مقابل استخدام هذه الموارد وأحيانًا لاستخدام المنصة نفسها،  إما لكل مستخدم أو حسب عدد التطبيقات التي تتم استضافتها.
 وتتضمن معظم خدمات باس، القوالب أو حزم إنشاء البرامج والتطبيقات، التي توفر رأيا كافيا حول كيفية إنشاء أنواع معينة من التطبيقات والبرامج، استنادا الي المنهجية الشائعة في انتاج البرمجيات والمعروفة بمنهجية الـ 12 عامل، أو المكون المطلوب في التطوير والبرمجة، ولذلك تعرف خدمات باس دائما بأنها “عنيدة” أو ذات آراء محددة ثابتة، وهو ما يعد من الأمور المناسبة بشكل أفضل للتطبيقات والبرمجيات الجديدة.
وتعد كل خدمة من خدمات “باس” يوفرها هذا الطرف أو ذاك، مدرسة قائمة بذاتها في مجال البرمجيات وتقنية المعلومات، لها أسلوبها وخواصها المختلفة عن غيرها، وربما يتضح ذلك بصورة أكبر حينما تعلم أن أبرز خدمات “باس” على الساحة الآن هي خدمات جوجل السحابية بخدماتها المتنوعة، وخدمة مايكروسوفت السحابية المعروفة باسم”آزور”، وخدمات ويب أمازون، وريد هات، وسيلز فورس وغيرهم، حيث تقدم كل منصة  من هؤلاء مسارا أو طريقة قائمة بذاتها في توفير البنية التحتية اللازمة لتطوير البرمجيات والتطبيقات كخدمة.
لم تظهر خدمة “باس” فجأة وتصبح علي حالتها الحالية، بل نشأت تدريجيا في كنف الحوسبة السحابية، أو تطورت طبقا لتطور الحوسبة السحابية، التي فتحت الباب أمام شركات مثل جوجل وامازون ومايكروسوفت، لتجميع اللبنات الأساسية المطلوبة لإطلاق تطبيق في منصة معتبرة ذات شخصية مستقلة، بهدف تبسيط العديد من المهام الأكثر تعقيدًا وتكرارًا، المطلوبة لنشر التعليمات البرمجية وجعلها تتم من خلال أمر واحد أو نقرة على الماوس، ولذلك فهي في النهاية خدمة من خدمات الحوسبة السحابية. 
المكونات
تتضمن اللبنات الأساسية لنظام تقديم المنصات كخدمة مما يلي:
البنية التحتية المُدارة: يدير الموفر الخوادم والتخزين ومراكز البيانات وموارد الشبكات المطلوبة لتشغيل التطبيق الخاص بك.
أدوات التصميم والاختبار والتطوير: تجمع بيئة التطوير المتكاملة الأدوات اللازمة لبناء البرامج بالفعل، بما في ذلك محرر شفرة المصدر، ومترجم أو محول الأكواد، ومصحح الأكود، ويقدم بعض موفرى خدمة باس أيضًا أدوات تعاون تتيح للمطورين مشاركة عمل بعضهم البعض والمساهمة فيه.
البرامج الوسيطة: غالبًا ما تتضمن باس الأدوات اللازمة لدمج أنظمة التشغيل المختلفة وتطبيقات المستخدم.
أنظمة التشغيل وقواعد البيانات: توفر باس أنظمة تشغيل للتطبيقات للتشغيل عليها ، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من خيارات قواعد البيانات المُدارة.
المزايا
تتمثل إحدى أكبر مزايا استخدام المنصات كخدمة، في القدرة على إنشاء التطبيقات ونشرها بسرعة وبدون تحمل العبء الثقيل المطلوب لإعداد البيئة التي سيتم تشغيلها فيها والحفاظ عليها. هذا ، من الناحية النظرية ، يمنح المطورين القدرة على النشر بشكل أسرع وأكثر انتظامًا ، بالإضافة إلى التركيز على عوامل التمييز بدلاً من حل المشكلات مثل توفير البنية التحتية.
ونظرا لأن المنصة المقدمة كخدمة، يتم صيانتها بواسطة مزود الخدمة ، مع اتفاقيات مستوى الخدمة والضمانات الأخرى ، فلا داعي للقلق بشأن المهام المجهدة والمتكررة مثل التصحيح والترقيات ، ويمكن للمطورين أن يشعروا بالثقة في أن بيئتهم ستكون متاحة ومستقرة للغاية ، على الرغم من استمرار حدوث الانقطاعات، ويمكن أن تكون “باس”أيضًا بوابة سهلة لتقنيات تطوير السحابة الأصلية ولغات البرمجة الجديدة ، دون الاستثمار المسبق لبناء بيئة جديدة. 
المخاطر
ترجع معظم المخاطر المرتبطة باستخدام باس، إلى فقدان التحكم الذي يجب على المطورين المحترفين السماح به من خلال تسليم تطبيقاتهم إلى مزود تابع لجهة خارجية، وتتضمن هذه المخاطر مخاوف تتعلق بأمن المعلومات وإقامة البيانات ، ومخاوف من فقد البائعين ، وانقطاع التيار غير المخطط له.
وباستخدام باس، يكون للمطورين مجال محدود لتغيير بيئة التطوير الخاصة بهم ، مما قد يؤدي إلى شعور بعض أعضاء الفريق بالضيق، ويمكن أن يؤدي عدم القدرة على إجراء تغييرات على البيئة أو الحصول على طلبات الميزات التي ينشرها مزود الخدمة إلى تجاوز الشركات لنظام PaaS و بناء منصة المطورين الداخلية الخاصة بهم.
أبرز الأمثلة
يقدم موفرو الخدمات السحابية الكبار، جوجل ومايكروسوفت وأمازون، خدمة “باس” للمئات من الشركات والمؤسسات حول العالم، وذلك بعد أن قاموا وغيرهم باستثمارات كبيرة خلال العقد الماضين من أجل تجميع مكونات الحوسبة السحابية الخاصة بهم، بالطريقة الملائمة لتقديم المنصات كخدمة، وتتضمن خدمات باس الحالية ما يلي:
ـ منصة خدمات ويب أمازون “ايلاستيك بينستاك AWS Elastic Beanstalk” التي تتيح النشر السريع وإدارة التطبيقات السحابية دون الحاجة إلى التعرف على البنية التحتية الأساسية، حيث تتعامل المنصة تلقائيًا مع تفاصيل توفير السعة وموازنة الأحمال والقياس ومراقبة سلامة التطبيق.
ـ منصة كلاود فاوندرى، وهي منصة مفتوحة المصدر، وضعتها بالأساس شركة في إم وير، ثم نقلت الي مشروع محورية البرمجيات، وهو مشروع مشترك بين إي إم سي وجنرال الكتريك، ثم انتقلت الي شركة سي إف إف، ومتخصصة في أسلوب بصناعة البرمجيات يعرف باسم بناء وتشغيل التطبيقات المستندة إلي الحاويات.
ـ منصة محرك تطبيقات جوجل، ويقدم خدمة لتطوير واستضافة تطبيقات الويب في مراكز البيانات التي تديرها جوجل، ويتم فيها وضع الحماية للتطبيقات وتشغيلها وتوسيع نطاقها تلقائيًا عبر خوادم متعددة.
ـ منصة مايكروسوفت آزور، وهي خدمة باس مدارة بالكامل، وتجمع خدمات آزور المتنوعة في نظام أساسي واحد، وتقوم بالأساس علي تقنيات ونظم وتطبيقات مايكروسوفت العاملة في بيئة تشغيل ويندوز.
التطور والنضج
لقد نضجت خدمة باس لتصبح فئة خدمة سحابية كبيرة خاصة بها ، ولكنها معرضة بشكل متزايد لخطر تجاوزها بواسطة خدمات سحابية جديدة علي الساحة، منها خدمة البرمجة المستندة للحاويات، وخيارات الحاويات المدارة كخدمة، التي يتم تطويرها من قبل البائعين الرئيسين، وكذلك مفهوم الحوسبة بلا خوادم، كما باتت تتنافس مع خدمة سحابية جديدة اخري هي تقديم الوظيفة كخدمة أو ما يعرف بخدمة “فاس”، التي توفر العديد من نفس مزايا أجزاء من الكمية المخصصة لخدمة باس، ولكن مع وعد أكبر في البساطة والمرونة.
ومع كل هؤلاء المنافسين الجدد، فإن خدمة باس لا تزال في اوج نضجها، وتتطور مع تحولات الصناعة علي نطاق واسع، حيث استجابت لتحولات صناعة البرمجيات نحو التطبيقات المعبأة في حاويات، مما يجعلها قابلة للحياة لمزيد من الوقت، وإن كان هذا لا يضمن لها بقاء طويلا، لأن الأمور تتغير مع الوقت كما هو معتاد في صناعة البرمجيات.