انتبه: سيارتك تتحالف مع هاتفك لتصبح أكبر جاسوس يتنصت عليك وينقل بياناتك

سيارتك
خلال يومك، قد تتمتع بقيادة سلسلة ممتعة داخل سيارتك المحببة، وتستمع للموسيقي والاغاني، وتتجول من مكان لآخر متبعا الخرائط ونظام تحديد المواقع، وتوصل هاتفك الذكي لشحنه بالطاقة، أو للحديث أثناء القيادة دون استخدام اليدين، لكن وأنت تعيش هذه اللحظات السعيدة، عليك الانتباه إلي أن سيارتك الذكية يمكن ان تتحالف مع هاتفك الذكي، لتصبح أكبر جاسوس يتنصت عليك، ويسجل كل حركة وهمسة تقوم بها، من فتح الأبواب لعدد مرات استخدام ناقل الحركة والفرامل، وإضاءة المصابيح، الي كل ما هو مخزن في هاتفك كاملا، ويضعها في مكان ما داخل ذاكرة السيارة غير المؤمنة بالمرة، ليتم الوصول إليها من قبل جهة أو طرف ما في وقت ما، لتصبح مكشوفا أمامه تماما، لأنه سيكون حصل على كل رسائلك ومحادثاتك ومشاويرك وسكناتك وحركاتك داخل السيارة.
كل شيء يحدث بالسيارة يتحول لبيان قابل للاستخلاص بدءا من فتح الأبواب
هذا التنبيه الخطير، صدر الأسبوع الحالي عن مؤسسة “ذا انترسبت” الأمريكية، وهي مؤسسة إخبارية متخصصة في التحقيقات المتعمقة المكرسة لمحاسبة الأقوياء، من خلال الصحافة الجريئة، وتركز تحقيقاتها على السياسة والحرب والفساد والبيئة والتكنولوجيا والعدالة الجنائية والإعلام وغير ذلك، وجاء التنبيه في سياق تقرير أصدرته المؤسسة بعد تحليل قامت به المؤسسة لمجموعة من العقود وقعتها دائرة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، تقدر بمئات الآلاف من الدولارات، مع شركة سويدية تدعي “إم ساب”، متخصصة في استخراج واستخلاص البيانات من السيارات والمركبات والأجهزة المختلفة، وبموجب هذه العقود حصلت دائرة الجمارك وحماية الحدود على مجموعة من التقنيات، من بينها تقنية تسمى “إيف “أو نظام السجل التشريحي للسيارة”، على غرار سجل الطب الشرعي التشريحي للإنسان، وهي تقنية طورتها في الأصل شركة أمريكية تدعي “بيرلا”.
وصول لمخازن البيانات الهادئة
كشفت تحليلات مؤسسة “ذا انترسبت” أن تقنيات شركة إم ساب السويدية، تمكن الجهات التي تستخدمها، سواء بدائرة الجمارك وحماية الحدود أو غيرها، من الوصول إلى ما يطلق عليه ” مخازن البيانات الهادئة” داخل السيارة، ومقصود بها مجموعة واسعة من المعلومات الشخصية الحساسة المخزنة بهدوء في وحدات تحكم المعلومات والترفيه والعديد من الحاسبات والأجهزة الالكترونية الأخرى التي تستخدمها المركبات الحديثة، وهي عبارة عن نسيج من التفاصيل الشخصية تشبه ما يمكن الوصول إليه عند اختراق الهاتف الشخصي، او الحاسب الشخصي، وقد تفوق ذلك بمراحل، لأنها تشمل الوجهات التي قصدها مالك السيارة، والمواقع المفضلة، وسجلات المكالمات، وقوائم جهات الاتصال، والرسائل النصية القصيرة التي تبادلها، ورسائل البريد الإلكتروني والصور ومقاطع الفيديو، وموجزات الوسائط الاجتماعية، وسجل التنقل في كل مكان كانت السيارة فيه، بل والقدرة استرداد البيانات المحذوفة، و”تحديد الشركاء المعروفين الذين استقلوا السيارة أو تعاملوا مع سائقها، وإنشاء أنماط الاتصال بينهم.
تقنية تنجح في سحب بيانات 70 هاتف لأشخاص مختلفين من سيارة للإيجار
وخلال تحليلاتهم، عثر باحثو انترسبت على وثيقة ذات صلة بمكتك الجمارك وحماية الحدود، تشير إلي أن مجموعة التقنيات ستكون “حاسمة في تحقيقات الجمارك وحماية الحدود لأنها يمكن أن تقدم أدلة ليس فقط فيما يتعلق باستخدام السيارة، ولكن أيضًا المعلومات التي تم الحصول عليها من خلال الأجهزة المحمولة المقترنة بنظام المعلومات والترفيه.
وكشفت التفاصيل التي أوردتها إم ساب في سياق الترويج لأنظمتها إن هذه المجموعة من التقنيات، لديها أيضًا القدرة على اكتشاف أحداث معينة ربما لا يدركها معظم مالكي السيارات حتى يتم تسجيلها، مثل متى وأين يتم تشغيل مصابيح السيارة، وأي الأبواب يتم فتحها وإغلاقها في مواقع محددة، ونوبات التروس وقراءات عداد المسافات ودورات الإشعال وسجلات السرعة وغيرها.
خطر اقتران الهاتف بالسيارة
بيانات المحمول تنتقل كاملة للمخازن الهادئة بالسيارة منذ لحظة الاقتران
يشير الخبراء إلي إن انتشار الهاتف الذكي في كل مكان أتاح للأجهزة الأمنية في جميع أنحاء العالم هدية لا مثيل لها، حيث يتم تخزين جزء كبير من الحياة الخاصة للفرد بشكل ملائم في كيان واحد نحمله طوال الوقت تقريبًا، ولكن نظرًا لأن هواتفنا أصبحت أكثر تعقيدًا واستهدافًا، فقد أصبحت أكثر أمانًا أيضًا، حيث انخرط صانعو الهواتف مثل ابل، وصانعو تقنيات اختراق الأجهزة مثل إم ساب، في سباق رهيب لتصنيع تقنيات التأمين وتقنيات كسر التأمين، واجتهد كل منهم في اكتساب ميزة تقنية على الآخر.
وفي ظل النجاحات العديدة التي سجلها مصنعو الهواتف، تحركت الجهات المتعطشة للبيانات بشكل متزايد لاستغلال صعود السيارة الذكية، حيث أصبحت الحاسبات المثبتة على لوحة القيادة وقدرات تنقية بلوتوث، ومنافذ يو اس بي، و صعود الهاتف الذكي، أشياء قياسية ومعيارية داخل السيارة، مثلها مثل حاملات الأكواب، وناقل الحركة الأوتوماتيكي، وبات من الأشياء الأساسية أن تزود أنظمة السيارات الذكية بخاصية الاقتران بهاتفك، مما يسمح لك بإجراء مكالمات أو إملاء نصوص أو توصيل اتجاهات الخريطة أو “قراءة” رسائل البريد الإلكتروني من خلف عجلة القيادة، ربما تمت مطالبة أي شخص قام بجولة في مركبة جديدة وقام بتوصيل هاتفه، سواء لإجراء مكالمة بدون استخدام اليدين أو الاستماع إلى سبوتيفاي أو الحصول على الاتجاهات، بمشاركة قائمة جهات الاتصال بالكامل، كخطوة ضرورية لإجراء مكالمات عبر السيارة، ولكن دون أي تحذير من أن كل ما يحتويه هاتفه من بيانات، أصبح الآن داخل ذاكرة سيارتهم، بلا حماية ولو حتي بكلمة مرور ضعيفة، لأن الأنظمة والأجهزة الالكترونية بالسيارات، لا تتوافر لها الحماية القوية المتوفرة للهواتف المحمولة، وبالتالي أصبح توصيل الهاتف بأنظمة السيارة، هو الجسر الذى يمكن من خلاله الوصول لبيانات الهاتف بكل سهولة ويسر، وبمعرفة صاحب الهاتف نفسه.
استغلال الجهل
حتى الآن، يستغل صانعو تقنيات استخلاص و “شفط البيانات” من السيارة، جهل المستهلكين وأصحاب السيارات بحقيقة أن السيارة باتت مخزن بيانات هائل وهادئ من دون حماية كافية، ويدلل الخبراء على ذلك بما قاله بين لو مير مؤسس شركة بيرلا، الشركة التي طورت هذه التقنيات بالأساس، حينما قال في تدوينه صوتية له عبر الإنترنت “بود كاست” إن الناس يستأجرون سيارات، ويذهبون للقيام بأشياء معهم ولا يفكرون حتى في الأماكن التي يذهبون إليها وما تسجله السيارة، وكيف تستخدم الشركة سيناريو النقل العرضي هذا بالضبط في تدريباتها، لقد مات هاتفك، ستركب السيارة، قم بتوصيله، وسيكون هناك منفذ يو اس بي لطيف ومريح لك. عندما تقوم بتوصيله بمنفذ يو اس بي هذا، فسوف يقوم بشحن هاتفك، تمامًا، وبمجرد تشغيلها، سيبدأ سحب جميع بياناتك ووضعها في السيارة، وأضاف إن جزء من سحب البيانات من السيارات هو أن العديد من السائقين لا يدركون حقيقة أن سياراتهم تنتج الكثير من البيانات في المقام الأول، وغالبًا ما تتضمن معلومات حساسة للغاية تمت مزامنتها عن غير قصد من الهواتف الذكية .
وفي البودكاست نفسه روي لو مير كيف أن شركته سحب بيانات من سيارة مستأجرة في مطار بي دبليو أي مارشال خارج واشنطن العاصمة، وهي سيارة فورد إكسبلورر، تمكنت تقنية بيرلا من استعادة بيانات 70 هاتف كانت متصلة بأنظمة السيارة اثناء تأجيرها من قبل اشخاص مختلفين، وظهر بالبيانات جميع سجلات مكالماتهم وجهات الاتصال الخاصة بهم وسجل الرسائل القصيرة الخاصة بهم، بالإضافة إلى تفضيلاتهم الموسيقية والأغاني التي كانت على أجهزتهم وبعض الأشياء الخاصة بهم على فيس بوك وتويتر.