حوسبة الحافة “عربة الإنقاذ” لفروع المؤسسات الضخمة وشركات الطاقة أول الغيث

الحافة
خلال الآونة الأخيرة تحولت الحلول والمنتجات المبنية علي مفهوم “حوسبة الحافة”، إلي ما يشبه عربة الإنقاذ التي تنتشل المواقع والفروع النائية التابعة للمؤسسات الضخمة والعملاقة، من براثن الأعطال والانقطاع والتوقف عن العمل، وتتيح لها الاستمرار في الإنتاجية ومواصلة أداء المهام بلا تعقيدات، فهي تحول الموقع الفرعي الصغير إلي خلية نحل، يجري العمل فيها علي قدم وساق طوال الوقت، خاصة في الأنشطة القائمة علي تجميع وتحليل وملاحظة البيانات والمعلومات في الوقت الفعلي كأنشطة الحفر، سواء كان هناك اتصال بشبكة مع شبكة المعلومات الأم الخاصة بالشركة أو المؤسسة ام لا، وحينما يتوفر الاتصال، يحدث التزامن في البيانات بين المركز والفرع، فما هي حوسبة الحافة، وما ابرز حلولها ومنتجاتها، واي من القطاعات باتت تحتفي بها اكثر من غيرها؟
حوسبة الحافة
تعالج مشكلات انقطاع اتصال الفروع البعيدة بنظم الحوسبة السحابية
يقصد بها عمليات الحوسبة ومعالجة البيانات التي تتم علي اطراف وحواف شبكات المعلومات الكبيرة،  حيث يتوفر على طرف أو حافة الشبكة، وحدة تعمل ككيان مصغر للشبكة الكبيرة، فهي تضم معالجات وشرائح ذاكرة ووحدات تخزين، ونظم تشغيل وتطبيقات متخصصة من السائدة في بيئة العمل عبر الشبكة الأم، ووحدات ارسال واستقبال معلومات، كبطاقات الشبكات والمودم وغيرها، لتوفر لبيئة العمل القائمة علي حافة الشبكة، ما تحتاجه من حوسبة وذاكرة وتخزين واتصال وتشبيك، ثم تقوم بمزامنة كل أعمالها مع الشبكة الأم، إما لحظيا أو حينما يكون الاتصال متاحا، والغرض منها تخفيف العبء علي الحلول والأنظمة القائمة في مركز الشبكة، والقيام بالأعمال المطلوبة عند حافة الشبكة أو أطرافها وفروعها بصورة سريعة وسهلة وتخصصية تناسب أعمال الحافة فقط، فضلا عن تفادي مشكلات الاتصال بالمركز، مثل بطء الاتصال وانقطاعه، وطول زمن الاستجابة وغيرها، والاستعاضة عن ذلك بالمزامنة السريعة حينما يكون الاتصال متاحا، ويتوقع لحوسبة الحافة أن تصبح توجها كبيرا خلال العقد الحالي، يدعم تطبيقات الحوسبة السحابية القائمة، ويقدم قدرات منفصلة أو موزعة في عالم إنترنت الأشياء المضمن لمجالات محددة مثل التصنيع أو البيع بالتجزئة وغيرها، ثم تتوسع لتصبح مجالا مهيمنا في جميع الصناعات.
 أنظمة ومنتجات حوسبة الحافة
يمكن تشكيل وإعداد أنظمة ومنتجات حوسبة الحافة بحسب نوعية الصناعات والأنشطة العاملة بها، لكنها في حالتها الأساسية لها مواصفات متقاربة إن لم تكن موحدة، خاصة في ما يتعلق بالقدرات والمكونات الداخلية، من معالجة وذاكرة وتخزين واتصال وتشبيك، ومن أبرز أنظمة حوسبة الحافة التي لفتت الانتباه خلال الآونة الأخيرة، نظام أو تكوين انتجته شركة تدعي “هايف سيل“، التي تقدم أنظمة وحلول حوسبة الحافة كخدمة من البداية للنهاية، في صورة وحدات متكاملة جاهزة للتركيب والتشغيل علي الفور في فروع ومقار الشركات البعيدة والنائية، فتقوم بمهام التقاط وتجميع ومعالجة البيانات والمعلومات علي حافة الشبكة الأم، لاتخاذ القرارات والتحليلات في الوقت الحقيقي لدعم الأنشطة الجارية بالموقع، وهي اكثر انتشارا حاليا في قطاعات البترول والطاقة والتعدين، خاصة بمواقع الحفر والمناجم النائية وآبار البترول النائية.
تضمن أداء سريعا مستمرا علي مستوى الموقع والتزامن مع المركز بعد ذلك
ووفقا للمعلومات المتاحة على موقع الشركة، فإنها تقدم حلول حوسبة الحافة في صورة وحدات صفراء زاهية الألوان، تزن الوحدة الواحدة 1.3 كيلو جرام فقط، وتضم معالج آية آر إم 64 بت يعمل بستة أنوية داخلية بسرعة 2.4 جيجا هيرتز، ومعه وحدة معالجة رسوميات مستقلة تعمل بـ 256 نواة، وذاكرة الكترونية “رامات” سعة 8 جيجا بايت، ووحدة تخزين داخلية سعة 500 جيجابايت، وبطاقة شبكة سلكية إيثرنت، للاتصال بالشبكة الأم، وتكوين شبكة محلية، مع قناتين إضافيتين جيجا بت إيثرنت للاتصالات من وحدة إلى وحد، حال تركيب اكثر من وحدة بالموقع، فضلا عن اتصال عبر شبكة واي فاي مدمجة، في حالة وجود فصل مؤقت عن الشبكة، ووحدة تغذية احتياطية بالطاقة، تستخدم في حالة انقطاع التيار الكهربائي، وتكفي للتشغيل لفترة بين 25 إلى 60 دقيقة ، مع وجود نظام للنسخ الاحتياطي للبيانات علي وحدة تخزين مستقلة.
عند التركيب والتشغيل، تكديس أو “رص” أي عدد من الوحدات معا فوق بعضها البعض أو بجوار بعضها البعض، لتفي بحاجة العمل، ولا يتطلب توصيل الوحدات سوي استخدام موصلات خاصة، مصنعة ببراءة اختراع مملوكة للشركة، تقوم بمهمة توفير الطاقة وتبادل وتمرير البيانات بين الوحدات في وقت واحد، وتتطلب المجموعة بأكملها كبلين فقط: كابل طاقة واحد للجميع، وكابل إيثرنت واحد، ولا توجد حدود لعدد الوحدات التي يمكن تكديسها فوق بعضها البعض، ويسمح نظام إدارة الوحدات للعملاء بنشر هذه الوحدات بضغطة زر، سواء بموقع أو مئات المواقع، حيث يتم تجهيزها وتهيئتها مسبقا، بكل ما هو مطلوب مع الشبكة الأم، كما يمكن تحديث نظام التشغيل ووقت التشغيل في جميع المواقع عن بُعد، وتعيين التنبيهات و التحكم في الأداء في الوقت الحقيقي.
صناعات الطاقة
مواقع استخراج البترول والتعدين بالمناطق النائية أول المستفيدين
نشرت شركة هايف سيل أنظمة حوسبة الحافة الخاصة بها لدي شركة “ديفون” المستقلة لإنتاج النفط الصخري، والمصنفة ضمن قائمة فورتشن لأكبر 500 شركة عالمية، وتم تركيبها مباشرة في منصات الحفر بمواقع آبار البترول، وكذلك في شاحنات البيانات العاملة في موقع التكسير الهيدروليكي لجمع البيانات من المعدات ، ولتشغيل كل وحدة ، يقوم أحد موظفي ديفون بتوصيلها بمأخذ طاقة ، وتوصيل الكبل التسلسلي  ليبدأ الاتصال علي الفور بشبكة ديفون الأم، سواء عبر شبكات الاتصالات المحمولة أو عبر الأقمار الاصطناعية، وهذا يتوقف على توفر الخدمة في كل موقع محدد، ليصبح موقع الحفر أو التكسير، مركزا لحوسبة الحافة، يتمتع بكل خواصها، ويدير أعماله محليا، وتحدث مزامنة بينه وبين الشبكة الأم على مدار الساعة.
وحول تجربة تشغيل حلول حوسبة الحافة، نقل موقع “نيت ورك ورلد” عن  دينجزاهو كاو، كبير مستشاري علوم البيانات في شركة ديفون قوله “عندما نحفر بئرًا ، يكون دائمًا في منتصف اللامكان، حيث لا يعد إرسال تدفق هائل من البيانات إلى موقع مركزي أمرًا ممكنًا دائمًا ، فلدينا دائمًا اتصال سيئ بالإنترنت في 10% من الأوقات، وإتاحة بنسبة 90% من الأوقات، ويُعد التوافر بنسبة تسعين بالمائة مقبولاً عندما تكون البيانات لأغراض المراقبة فقط، ولكن إذا كانت الاستجابة في الوقت الفعلي مطلوبة ، فهذه مشكلة. على وجه الخصوص ، تتطلع الشركة إلى تحسين كفاءة الحفر والعمليات وأتمتة المهام باستخدام التعلم الآلي. لذلك ، يحتاج أعضاء الفريق في الموقع إلى تحليل فوري للبيانات، وهذا بالضبط ما توفره حلول حوسبة الحافة، وأضاف كاو: نريد نقل كل شيء إلى الحافة ، حتى إذا فقدنا الاتصال ، فلا يزال بإمكان الشخص الموجود في الموقع رؤية ما يحدث واتخاذ قرار، وإذا كنت تعتمد على الحوسبة السحابية وفقدت الاتصال ، فلن يتمكن العامل الميداني من رؤية النتائج.
المحرك انترنت الأشياء والجيل الخامس
ومن جانبه قال جيفري ريكر المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة هايف سيل إن أنظمة حوسبة الحافة تتقدم بسرعة كبيرة داخل المؤسسات والشركات الكبرى، ويعد قطاع البترول والطاقة والمناجم هو الأبرز في الإقبال عليها، وبحسب قوله فإن نمو أنظمة إنترنت الأشياء ودخول الجيل الخامس للمحمول الي الخدمة التجارية، يشكلان المحرك الرئيس للانتشار الواسع لحوسبة الحافة خلال الأعوام المقبلة، حيث تتطلع جميع المؤسسات الكبري إلي نشر تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في أرضيات المصانع وشركات البيع بالتجزئة وعمليات الشحن والخدمات اللوجستية، ما يعني ضم مئات وربما آلاف المواقع الي شبكاتها العاملة، وتمثل حوسبة الحافة عربة الإنقاذ أو نافذة التوصيل والربط في هذه الحالة،  لأنه بحسب قوله نصف المشاريع المتطورة التي يتم نشرها هذا العام ستفشل لأنها لا تستطيع التوسع، فقد تعمل علي المستوى التجريبي الاختباري في عشرات المواقع، لكن عندما تصل إلى المئات والآلاف لن تنجح ولن تتوسع، وهذا هو المجال الذي تتقدم فيه حوسبة الحافة، التي يمكنها تشغيل ونشر مجموعات من الخوادم في مئات الآلاف من المواقع.