تمهد لظهور “انترنت الكوانتم”:إنشاء أول شبكة معلومات في التاريخ بين 3 معالجات كمية

انترنت الكوانتم
تمكن فريق من العلماء من ربط معالجين كميين معا عن بعد، عبر معالج ثالث يعمل كعقدة ربط وسيطة بين الإثنين، لتشكل الروابط بين المعالجات الثلاثة أو شبكة معلومات كمية في التاريخ، يتوقع أن تكون حجر الأساس لإنترنت الكوانتم، او الانترنت الكمية التي يحلم بها العالم ويعمل جاهدا على تحقيقها منذ عقود، ووصف العلماء هذا الإنجاز بأنه خطوة تشبه ما حدث في مطلع ستينيات القرن الماضي ـ أي قبل اكثر من 60 عاماـ حينما نجح العلماء لأول مرة في ربط ثلاثة حاسبات تقليدية معا عبر شبكة عن بعد، ووضعوا بذلك أول حجر أساس للإنترنت التي نعرفها ونعايشها اليوم.
ينتمي الفريق الذي حقق هذا الإنجاز العلمي لمعهد تكنولوجيا الكم بهولندا، والذي نشر تفاصيل نتائجه على موقع المعهد، وقال أعضاء الفريق إن الدافع وراء الكثير من الجهود البحثية هو الهدف من إنشاء إنترنت كمي، يمكن أن يمتد يومًا ما عبر سطح الكوكب، وتستغل الإنترنت القوانين الخاصة بميكانيكا الكم، للسماح للأجهزة الكمية بالتواصل مع بعضها البعض، لتفتح سلسلة لا نهائية من التطبيقات والنظم التي لا يمكن تشغيلها بالحاسبات الحالية، في مجال الاتصالات والحوسبة السحابية، والأمان والخصوصية التامة، والطب والعلاج، وتطبيقات الزراعة والتصنيع والخدمات، وغيرها من التطبيقات التي لا يمكننا توقعها في الوقت الحالي.”
الشبكة تربط معالجين كميين عبر عقدة كمية وسيطة
انجاز يشابه ربط أول حاسبين عن بعد منذ 60 عاما
خطوة مهمة نحو تحقيق حلم الانترنت الكمي واسع النطاق
الحاسبات الكمية
يذكر أن الحاسبات الكمية قائمة كفكرة منذ اربعينيات القرن العشرين، والاختلاف بينها وبين الحاسبات الحالية أنه في الحاسبات الحالية، يتم تخزين المعلومات في صورة وحدات تعرف بالـ”بت”، التي تعبر عن الصفر أو الواحد، أما في الحاسبات الكمية فيتم تخزين المعلومات في صورة وحدات تعرف بالـ”كيوبت” التي لا تعبر عن الصفر والواحد فقط، بل عن كليهما معا مضافا إليهما حالة او حالات تراكبية كمية من كليهما معا، وهذا يعني أنه عند القيام بعملية معينة، تضطر الحاسبات الحالية إلى البحث خلال كل الحلول الممكنة واحدا تلو الآخر، أما الحاسبات الكمية فتعمل كما لو كانت تفكر في كل الإجابات الممكنة في نفس التوقيت، مما يجعلها أسرع مئات وربما آلاف المرات.
والمشكلة الحالية في الحاسبات الكمية أنها لا تزال تعمل بعدد قليل جدا من الكيوبت، في حين تعمل الحاسبات الحالية بعشرات الملايين من البت، والسبب في ذلك هو وجود نوع من الضوضاء أو الشوشرة الناجمة عن الرنين أو التردد الخاص بكل كيوبت على حدة، والذى يسبب أخطاء في الحسابات التي يقوم بها الجهاز، وتزيد هذه الأخطاء مع زيادة عدد الكيوبت، وبالتالي فالتحدي الأكبر أمام الحاسبات الكمية هو إضافة عدد من الكيوبت، مع القدرة على إيقاف الشوشرة والاخطاء عند الحدود التي لا تؤثر على سلامة الاداء وصحة العمليات التي يقوم بها، ولكي تصل الحاسبات الكمية إلي المستوي التجاري واسع النطاق، فيتعين أن تعمل معالجاتها بمليون كيوبت كحد أدني، ليقوم كل كيوبت بمعالجة مليون عملية حسابية في الثانية، ومن ثم يقوم المعالج ككل بمعالجة تريليون عملية في الثانية.
الشبكة الكمية
في ضوء التعريف السابق للحاسبات الكمية، فإن شبكة المعلومات الكمية، تعني ربط حاسبات تعمل بمعالجات كمية، ونظم تشغيل كمية، وذاكرة كمية، وإذا ما تم إنشاء شبكة من هذا النوع، فإن البنية التحتية المصاحبة لها، سوف تمهد الطريق نحو إنشاء انترنت كمية هائلة، تعتمد في عملها، على الحاسبات الكمية، في مراكز البيانات، ومعدات بناء الشبكة من محولات وموجهات، ومراكز تخزين البيانات، وبروتوكولات الاتصال، والحاسبات الخادمة، وربما الحاسبات الطرفية في أيدي المستخدمين العاديين، ومادام الحاسب الكمي الواحد أسرع مئات الآلاف المرات من الحاسب العادي الآن، فإن الإنترنت الكمية، ستكون أقوى واكثر فاعلية وسرعة، وقدرة بألاف المرات من انترنت اليوم.
من اثنين إلي ثلاثة
لا يعد توصيل الأجهزة الكمية أمرًا جديدًا بأي حال من الأحوال، إذ يعمل العديد من الباحثين حول العالم حاليًا على شبكات مماثلة ، لكنهم نجحوا حتى الآن في ربط اثنين فقط من المعالجات الكمية، فالصين والولايات المتحدة مهتمتان بنفس القدر بتطوير الشبكات الكمية ، وقد حققتا بالفعل إنجازات بارزة في هذا المجال، فقد استطاع العلماء الصينيون ، على سبيل المثال ، اكتشاف تشابك قياسي بين معالجين كميين على مسافة 1200 كيلومتر، فيما نجح علماء امريكيون لأول مرة في تشابك كيوبتين منفصلين عن طريق توصيلهما عبر كابل، وهو اختراق آخر يُتوقع أن يُسرع من إنشاء الشبكات الكمية.
أما الفريق الهولندي فاستطاع ربط اثنين عبر عقدة ربط وسيطة، أي ثلاثة اطراف، بينهما روابط متعددة، وبالتالي فقد وضعوا اول حجر أساس نحو انشاء اتصال متعدد العقد ، ومن ثم توسيع حجم الشبكة بشكل كبير، بحيث يمكن للإنترنت الكمي أن يربط أجهزة كمية صغيرة، معًا لإنشاء مجموعة كمية كبيرة، تتمتع بقوة حوسبة أكبر من أجهزة الكمبيوتر العملاقة الكلاسيكية الأكثر تطورًا.
شر أعضاء الفريق هذه النقطة بقولهم إن إحدى الخصائص الكمومية الرئيسية التي تدعم الإنترنت الكمي هي التشابك، وهي ظاهرة تحدث عندما يقترن جسيمان كميان بطريقة تجعلهما مترابطين بشكل أساسي ، بغض النظر عن بُعدهما المادي عن بعضهما البعض، وعندما يتشابك جسيمان كميان ، تصبح خصائصهما مرتبطة ، مما يعني أن أي تغيير في أحد الجسيمات سينعكس حتمًا على الآخر، وفي الاتصالات الكمية ، يعني ذلك أنه يمكن للعلماء استخدام الجسيمات المتشابكة بشكل فعال لنقل المعلومات من واحد كيوبت إلى زوجها المقترن ، حتى لو كان الاثنان في أجهزة كمية منفصلة.
ولكي يصمد النظام ، يجب إنشاء التشابك والحفاظ عليه في المقام الأول. في العقد الماضي ، تم تحقيق ذلك من خلال العديد من المجموعات البحثية ، عادةً عن طريق إنشاء رابط مادي بين جهازين كميين عبر الألياف الضوئية.
لكن العقدتين بالكاد تكفيان لإنشاء شبكة واسعة النطاق ؛ وفي كبل الألياف الضوئية ، على سبيل المثال ، لا يمكن الحفاظ على التشابك بعد حوالي 100 كيلومتر ، مما يعني أن الشبكات الكمية التي تم إنشاؤها حتى الآن كانت محدودة بالمسافة القصيرة التي يمكن أن تغطيها.
وهذا هو السبب في قيام فريق البحث الهولندي بتطوير نظام يعتمد على العقد الوسيطة ، على غرار أجهزة التوجيه في الإنترنت الحالية ، والتي يمكن أن تحافظ على التشابك عبر مسافات أكبر.
أول بروتوكول
قال الفريق أنه طور أيضا أول بروتوكول شبكة كمية ، مع إشارة تشير إلى أن كل عملية قد اكتملت بنجاح، وقال الدكتور رونالد هانسون ، الذي قاد فريق البحث أن الميزة الرئيسية لهذا البحث هي أنه بات لدينا طريقة قابلة للتطوير لربط عقد كمية متعددة في شبكة، ولدينا ذاكرة يمكنها تخزين حالة التشابك أثناء إعداد التشابك الجديد، ولدينا إشارات تخبرنا متى تم إنشاء التشابك بنجاح، وهذا مكننا من التشابك بين العقد الثلاثة الجاهزة للاستخدام لمزيد من المعالجة أو البروتوكولات الأخرى.
وأضاف الدكتور رونالد أن الشبكة الجديدة ستوفر منصة اختبار لتطوير أجهزة وبرامج وبروتوكولات الإنترنت الكمية، وما تم حتي الأن يتلخص في إثبات صحة المفهوم من الناحية العلمية، ولكن يجب أن تتطور التجربة أيضًا من إثبات المفهوم إلى حل عملي من أجل توسيع نطاق الشبكات الكمية.
وقدم الفريق شرحا توضيحيا لنتائجهم عبر الفيديو التالي:

لمتابعة الفيديو مصحوبا بترجمة باللغة العربية، يرجي الضغط علي دائرة الاعدادات اسفل الفيديو اثناء التشغيلن واختيار الترجمة التلقائية ثم اختيار اللغة العربية