قريبا: هاتفك الذكي يشخص انضغاط أعصاب الرسغ ويقيس النبض والتنفس لحظيا

في وقت ليس ببعيد، سيكون بإمكانك فتح كاميرا هاتفك المحمول الذكي، وتركيزها على وجهك، وتتصل بطبيبك، ليعرف من صورة الوجه الحية حالة معدل التنفس لديك، ويقيس نبض القلب، وربما أشياء أخري قد تتضمن مستوي كهربية المخ، كما يمكن لطبيب آخر أن يطلب من شخص آخر تشغيل لعبة على المحمول، ويتتبع حركة الأصابع اثناء اللعب، ليعرف ما إذا كان مصابا بالمرض المعروف بمتلازمة “الرسغ النفقي” أو انضغاط أعصاب الرسغ، الذي يسبب التنميل وصعوبة في حركات الأصابع.

انعكاسات الضوءعلي الوجه لقياس النبض والتنفس
الكاميرا لقياس النبض ومعدل التنفس
لعبة على الهاتف تشخص انضغاط الاعصاب
التشخيص لحظيا عبر صورة حية للوجه
هذا ما أشارت إليه نتائج بحوث علمية ظهرت أمس، وصدرت عن فريقين بحثيين، الأول بجامعة واشنطن، وسيتم مناقشته اليوم في مؤتمر “أية سي إم” حول الصحة والتدخل والتعلم، ويمكن مطالعة الورقة البحثية التي نشرها العلماء حول الطريقة الجديدة هنا، والثاني من جامعة طوكيو للطب، وظهرت نتائجه على موقع وكالة العلوم والتكنولوجيا اليابانية.
التشخيص عبر الكاميرا
قام فريق الباحثين بجامعة واشنطن بتطوير طريقة تستخدم كاميرا الهاتف الذكي أو الحاسب الشخصي لشخص ما، في قياس مستوي النبض والتنفس اعتمادا على فيديو لوجهه تتم مشاهدته في الوقت الفعلي لوجهه، وتعتمد هذه الطريقة على نظام يستخدم التعلم الآلي في التقاط تغييرات طفيفة في كيفية انعكاس الضوء على وجه الشخص، والذي يرتبط بتغير تدفق الدم. ثم يقوم بتحويل هذه التغييرات إلى كل من معدل النبض والتنفس.
وقال شين ليو الباحث الرئيسي في الفريق أن احتمال تعطل هذه الطريقة في القياس نتيجة ظروف الإضاءة أو خصائص الوجه كلون البشرة، هو احتمال قليل، لأن الطريقة تعتمد على تقنيات التعلم الآلي، التي تعد جيدة جدا في تحليل الصور، فمثلا إذا أعطيتها سلسلة من صور القطط ثم طلبت اليها العثور على قطط في صور أخرى ، فيمكنها فعل ذلك، والنظام الذي تم تطويره يمكنه تحديد المنطقة محل الاهتمام في مقطع فيديو يحتوي على أقوى مصدر للمعلومات الفسيولوجية وفي مقدمتها النبض والتنفس.
كاميرا قياس النبض والتنفس
وأضاف أن كل شخص مختلف، لذلك يجب أن يكون هذا النظام قادرًا على التكيف بسرعة مع التوقيع الفسيولوجي الفريد لكل شخص، وفصل هذا عن الاختلافات الأخرى ، مثل الشكل الذي يبدو عليه والبيئة التي يوجد فيها، وهنا يحافظ النظام على الخصوصية، فهو يعمل على الهاتف وليس عبر الحوسبة السحابية،
أوضح العلماء أنه تم تدريب الإصدار الأول من هذا النظام بمجموعة بيانات تحتوي على مقاطع فيديو لوجوه الأشخاص، ثم مقارنتها بمعلومات تمثل “الحقيقة الأساسية”، ويتم قياس معدل نبض كل شخص وتنفسه بواسطة الأدوات القياسية في هذا المجال، ثم استخدم نظام المعلومات المكانية والزمانية من مقاطع الفيديو لحساب كل من العلامات الحيوية.
أوضحت الاختبارات التي تمت خلال البحث أن هذه الطريقة تفوقت على أنظمة التعلم الآلي المماثلة في مقاطع الفيديو حيث كان الأشخاص يتحركون ويتحدثون، ولكن في حين أن النظام يعمل بشكل جيد في بعض مجموعات البيانات ، فإنه لا يزال يعاني مع البعض الآخر من المشكلات في الفيديوهات التي تحتوي على أشخاص وخلفيات وإضاءة مختلفة. وقال الفريق إن هذه مشكلة شائعة تعرف باسم “فرط التجهيز”.
لذلك قام الباحثون بتحسين النظام من خلال جعله ينتج نموذجًا مخصصًا للتعلم الآلي لكل فرد، وعلى وجه التحديد ، يساعد في البحث عن مناطق مهمة في إطار فيديو تحتوي على الأرجح على سمات فسيولوجية مرتبطة بتغير تدفق الدم في الوجه في ظل سياقات مختلفة ، مثل درجات لون البشرة المختلفة وظروف الإضاءة والبيئات. من هناك ، يمكنه التركيز على تلك المنطقة وقياس معدل النبض والتنفس.
وقال ليو: نعترف بأنه لا يزال هناك اتجاه نحو الأداء المنخفض عندما يكون نوع بشرة الشخص أغمق، ويرجع هذا جزئيًا إلى أن الضوء ينعكس بشكل مختلف عن الجلد الداكن ، مما يؤدي إلى ضعف إشارة الكاميرا لالتقاطها، وأكد أن النظام لا يزال تجريبيا، ويتم التعامل معه على أنه اتجاه مستقبلي، ويعمل الفريق بنشاط على تطوير طرق جديدة لحل هذا القيد.
ويعمل الباحثون أيضًا على مجموعة متنوعة من التعاون مع الأطباء لمعرفة كيفية أداء هذا النظام في العيادات الطبية والمستشفيات، لأن أي قدرة على الإحساس بالنبض أو معدل التنفس عن بعد توفر فرصًا جديدة لرعاية المرضى عن بعد والعلاج عن بعد. ويمكن أن يشمل ذلك الرعاية الذاتية أو رعاية المتابعة أو الفرز ، خاصةً عندما لا يكون لدى شخص ما وصول ملائم إلى العيادة.
لعبة لتشخيص آلام الرسغ
لعبة تشخيص انضغاط اعصاب الرسغ
مرض انضغاط أعصاب الرسغ، يصيب النساء في منتصف العمر، ويعرف علميا بـ “متلازمة النفق الرسغي”، ويسبب التنميل وصعوبة في حركات الأصابع، وفي البحث الذي تم بجامعة طوكيو للطب، حاول الباحثون استخدام ألعاب الفيديو في تشخيص والكشف عن هذا المرض، اعتماد على تتبع ورصد التوصيل العصبي، بين الرسغ والاصابع، وهو أمر كان ولا يزال يتطلب أجهزة باهظة الثمن ومهارات متخصصة للقيام به، ومن هنا لجأ الباحثون إلي عالم الألعاب على المحمول، لبناء شاشة بسيطة لا تتطلب أي معرفة أو تقنيات متخصصة، لتقوم بتتبع ورصد التوصيل العصبي، ومن ثم تشخيص متلازمة النفق الرسغي.
قاد فريق البحث الدكتور كوجي فوجيتا من جامعة طوكيو للطب، والدكتور يوتا سوجيورا الأستاذ المساعد بجامعة كيو، يساعدهما باحثون في علوم الحاسب وتقنيات تعلم الآلة، وركزوا ابحاثهم على تحليل وفهم حركات الإبهام السيئة التي تتزايد مع تقدم المرض، وبعد تحليل خصائص هذه الحركات، طوروا لعبة يتم تنزيلها وتشغيلها على الهواتف الذكية، لكنها ليست لعبة عادية، تمارس من اجل اللعبة ذاتها، ولكن تمارس من اجل تشخيص المرض، أي أنها ” لعبة تشخيص” وليست لعبة ترفيه فقط، فهي تعتمد على نظام يتتبع ويترصد مسار الإبهام أثناء اللعب، ويقدر احتمالية الإصابة بالمرض من خلال التعلم الآلي، ويجعل اللعبة تفحص يد ورسغ اللاعب أو تحديدا اللاعبةـ، باعتبار ان المرضي يكونوا من النساء عادة، وخلال ما يتراوح بين 30 ثانية ودقيقة واحدة، من ممارسة اللعب، يقوم النظام ببناء تقدير فعال حول تشخيص الإصابة بالمرض، ومدي تطورها.
قام الباحثون بتنفيذ تجربة، على 15 مشاركا لا يعانون من المرض، مقابل 36 شخصا يعانون من المرض، وذلك بغرض مقارنة النتائج، والتعرف على دقتها، وحققت اللعبة نجاحا بلغ 93% في قياس حساسية المرض، و69% في نوعيته، وهي نتائج تعادل أو ربما أفضل من نتائج الفحص الجسدي الذي يقوم به جراحو العظام الخبراء.
وعلي الرغم من أن اللعبة المطورة خلال البحث، لا تزال في بدايتها، وتحتاج المزيد من الدراسة قبل طرحها للمستخدمين، إلا أن الفريق يري انها واعدة جدا، ويمكن استخدامها مستقبلا في الكشف عن هذا المرض، بالمواقع التي لا يوجد بها خبير ، مثل المنزل أو في مركز صحي، وكذلك في حالات الاشتباه في المرض، من اجل العمل على منع تفاقمه.