لأول مرة في تاريخها: انتل تصنع  الشرائح والمعالجات لحساب الآخرين

انتل
لأول مرة في تاريخها الممتد لعدة عقود، قررت انتل إنشاء مسبك أشباه موصلات وشرائح الكترونية، جديد مستقل بولاية اريزونا، يقوم بتصنيع المعالجات والشرائح الالكترونية الدقيقة لصالح شركات أخرى، وعلي هامش هذا القرار، ابرمت الشركة اتفاق للبحث العلمي والتطوير والابتكار مع شركة آي بي إم، كما قررت إعادة اطلاق منتدي انتل للمطورين مرة أخرى.
20 مليار دولار لإنشاء مصنعين بأريزونا
مسبك جديد مستقل لتقديم الخدمات للغير
اتفاق مع آي بي إم وإعادة منتدي المطورين
جاء ذلك في سياق الإعلان عن الاستراتيجية الجديدة للشركة في مجال التصنيع والابتكار وريادة المنتجات، خلال فعاليات مؤتمر “هندسة المستقبل” الذي عقدت فعالياته الثلاثاء 23 مارس الجاري، وجري بث وقائعه، والبيانات الصحفية الخاصة به  عبر غرفة اخبار انتل ، وقام خلاله بات جيلسنجر الرئيس التنفيذي الجديد للشركة بالإعلان عن الاستراتيجية الجديدة، وأطلق عليها “استراتيجية آي دي إم 2″، التي تضم مزيجا قويا من شبكة المصانع الداخلية لانتل، مع وحدة أعمال جديدة هي “خدمة مسبك انتل”، وعمليات التطوير والابتكار، التي تستهدف الانتقال لتصنيع المعالجات والشرائح الالكترونية بتقنية 7 نانو متر، ثم 5 نانو متر في مرحلة تالية.
مسار جديد للابتكار
في كلمته خلال المؤتمر قال جيلسنجر أن الاستراتيجية الجديدة تضع مسارًا لعصر جديد من الابتكار وريادة المنتجات في انتل،، التي تعد الشركة الوحيدة التي تتمتع بعمق واتساع نطاق البرامج والسيليكون والمنصات والتعبئة والعمليات مع التصنيع على نطاق واسع والتي يمكن للعملاء الاعتماد عليها في ابتكاراتهم من الجيل التالي، والاستراتيجية الجديدة أنيقة لا يمكن أن تقدمها إلا شركة انتل، وتوفر صيغة رابحة، ستستخدم لتصميم أفضل المنتجات وتصنيعها بأفضل طريقة ممكنة لكل فئة نتنافس فيها.
وأضاف أن الاستعداد للانتقال لتقنية تصنيع 7 نانو متر، وهي تقنية لتصنيع الشرائح والمعالجات بترنزستورات يبعد كل منها عن الآخر 7 نانومتر فقط على الشريحة، ومن المتوقع أن يتم وضع أول شريحة تعمل بهذه التقنية في أول حاسب خلال الربع الثاني من العام الحالي، وتحمل هذه الشريحة حاليا اسما كوديا هو “بحيرة النيزك”، وستليها خطوة أخري، يتم خلالها الانتقال الي  التصنيع بتقنية 5 نانومتر، الأكثر تقدما.
شرائح لحساب الآخرين
تتضمن استراتيجية الإنتاج لحساب الآخرين، إنشاء وحدة أعمال مستقلة جديدة، تحت اسم خدمات مسبك انتل ” آي إف إس” بقيادة المخضرم في صناعة أشباه الموصلات الدكتور راندير ثاكور، الذي سيقدم تقاريره مباشرة إلى جيلسنجر، وبناء مسبك انتاج شرائح في ولاية اريزونا، ضمن خطة لإنشاء مصنعين جديدين بتكلفة تقدر بـ 20 مليار دولار، وتسعي انتل في أن تصبح مزودًا رئيسيًا لقدرات المسبك في الولايات المتحدة وأوروبا، لخدمة الطلب العالمي الهائل على تصنيع أشباه الموصلات، وسيتم تمييز وفصل وحدة اعمال “أي إف إس” عن عروض المسابك الأخرى، مع مزيج من تكنولوجيا العمليات المتطورة والتعبئة، والقدرة الملتزمة في الولايات المتحدة وأوروبا.
وتأتي الاستراتيجية الجديدة في وقت تعاني فيه السوق العالمية من نقص كبير في اشباه الموصلات والشرائح الالكترونية، مما يؤخر تصنيع السيارات ويسبب مشاكل أخرى، من بينها انفلات أسعار بطاقات الرسوميات، والتي جعلت شركات تصنيع اشباه الموصلات التايوانية الكبيرة تخطط لإنفاق 28 مليار دولار على قدرة تصنيع الرقائق الجديدة هذا العام لمحاولة تلبية الطلب. 
مع الاستراتيجية المعلنة للتو، تأمل إنتل أن تكون خدمات المسبك بمثابة عمل جديد للشركة، وفي هذا السياق أفصحت أنها لن تقوم فقط ببناء معالجاتها الخاصة، مثل كور وزيون، بل ستقوم أيضًا ببناء رقائق لشركات التكنولوجيا الأخرى، سواء بمعالجات معمارية إكس 86، ومعمارية أية آر إم، كما ستسمح للعملاء ببناء الرقائق باستخدام نوى المعالج أكس 86 الخاصة بها، وكذلك ت تصنيع شرائح  ريسك ـ في، التي تعد أحد منافس لشرائح آية آر إم المهيمنة على سوق شرائح الهواتف والأجهزة المحمولة.
الشركات ترحب والمحللون يتحفظون
عقب الإعلان عن هذا التحول غير المسبوق في أعمال الشركة، صدرت عن كل من مايكروسوفت وسيسكو وجوجل وآي بي إم، بيانات تأييد لاستراتيجية انتل الجديدة، وخططها للتوسع، والقيام بالتصنيع لصالح الآخرين، وأكدت  الشركات أنها خطوة تدعم الوضع التنافسي للولايات المتحدة، امام المصنعين الكبار لأشباه الموصلات في آسيا.
من جانب آخر أبدي بعض المحللين ردود فعل متحفظة تجاه هذه الخطوة، حيث قال لينلي جويناب، المحلل بمؤسسة لينلي جروب البحثية، أنه يبدو غير المرجح أن تكون جهود المسبك أكثر نجاحًا من أي محاولات سابقة لسبك إنتل” . “لقد فشلت انتل دائمًا في مسار انشاء المسابك، لأنها لا تقدم أدوات ومكتبات قياسية يدعمها الكبار في هذه الصناعة وعلي رأسهم شركتي تي اس تم سي وسامسونج، يضاف لذلك أن انتل أمامها تحد آخر هو التحول إلي تقنية 7 نانو متر، والإسراع للتحول بعد ذلك إلي تقنية تصنيع 5 نانو متر، وهو جهد يستغرق الكثير من الوقت، في حين أن ظروف المنافسة، لا تتيح مثل هذا الوقت للشركة.
كما أوضح بن باجارين المحلل في مؤسسة كرييتف استراتيجيز أن تحركات انتل تغير بشكل كبير الديناميكية التنافسية في الصناعة، لكن لم يتضح بعد إلى أي مدى ستنفذ إنتل خططها بشكل جيد، وإن كانت خطوتها هذه المرة تبعث على التفاؤل بأكثر مما كان عليه الوضع في العقد الماضي، وبالتالي فهي في النهاية خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح، وإذا نجح هذا التحول، فسيشكل تحولًا رئيسيًا لقوة قوية في وادي السيليكون منذ عقود، فقد حافظت انتل لسنوات على ريادتها التقنية، ثم فشلت في السنوات الأخيرة في الاستفادة من سوق الهواتف المحمولة وعانت عدة تأخيرات في تقدم معالج الكمبيوتر الشخصي.
لكن جيلسنجر رد على هذه التخوفات بقوله إن جهود المسبك السابقة لشركة إنتل كانت “ضعيفة، وهذه المرة أنها ستكون مختلفة، فجهود المسبك هذه المرة وحدة أعمال منفصلة بمسؤوليات ربح خاصة بها، وستكون لها قدرة مخصصة للعملاء.
مشاركة مع الآخرين
أكد جيلسنجر خلال حديثه على أن انتل تخطط لإشراك الكثير من شركائها وحلفائها، واللاعبين المؤثرين في الصناعة، في الاستراتيجية الجديدة، وتحقيقا لهذه الغاية، أعلنت إنتل وآي بي إم عن خطط لتعاون بحثي مهم يركز على إنشاء منطق الجيل التالي من تقنيات صناعة اشباه الموصلات، وذلك تواصلا لتعاون ممتد لأكثر من 50 عاما بين الشركتين، التزمت خلاله الشركتان بالبحث العلمي والهندسة ذات المستوى العالمي والتركيز على تقديم تقنيات أشباه الموصلات المتقدمة إلى السوق، وستساعد هذه التقنيات التأسيسية في إطلاق العنان لإمكانات البيانات والحسابات المتقدمة لتكوين قيمة اقتصادية هائلة، من خلال الاستفادة من قدرات ومواهب المؤسسات البحثية للشركتين،  في هيلزبورو، أوريغون، وألباني، نيويورك.