روبوت يسمح ببناء “سوبر كمبيوتر” عن بعد في 20 أسبوعا

سوبر كمبيوتر
كمبريدج 1 … هو أول حاسب فائق عملاق “سوبر كمبيوتر” يتم بناؤه وتشييده عن بعد، في غضون 20 أسبوعا فقط، حيث كان الفريق المسئول عن إدارة عملية التشييد والبناء، موجودا في مقر شركة “إنفيديا” بمدينة سانت كلارا الأمريكية، في حين كان موقع البناء الفعلي للحاسب بمقر جامعة كمبريدج ببريطانيا، والوسيط بين الاثنين، كان روبوتات صغيرة تمشي علي عجلات، وتطبيقات المحادثة المرئية اللحظية، وفي مقدمتها تطبيق “زووم”.
التحكم من سانتا كلارا بأمريكا والتنفيذ بكمبريدج ببريطانيا
تكلف 51.7 مليون دولار ومصمم لتطبيقات التعلم الآلي
يعمل بسرعة 400 بيتافلوب من أداء الذكاء الاصطناعي
وبحسب بيان لشركة إنفيديا، فإن الإنشاء الناجح عن بعد لهذا الحاسب العملاق المعقد، جاء بسبب ظروف كورونا، والقيود المفروضة علي السفر والعمل، واستكمالا للطريقة الجديدة التي تنفذها الشركة في بناء الحاسبات الفائقة العملاقة “سوبر كمبيوتر”، والتي تقوم علي تجهيز وحدات بناء الحاسبات مسبقا في مصانعها، ثم تركيبها بسرعة في مواقع البناء والتشغيل، عبر أقل عدد ممكن من المهندسين والعمال، وخلال وقت أقل.
80 نظام بمئات المعالجات
وكانت إنفيديا قد كشفت عن مشروع انشاء هذا الحاسب لأول مرة العام الماضي، قائلة أنه سيتكلون 51.7 مليون دولار، ويتم بناؤه لصالح جامعة كمبريدج البريطانية، المتعاقدة مع شركة كاو داتا للنظم، وهي شركة بريطانية أيضا.
ومن حيث المواصفات يضم الحاسب 80 نظاما من نظم الحاسبات العالية الأداء، التي تصنعها إنفيديا وتحمل اسم ” دي جي إكس أيه 100″، يضم كل منها المئات من وحدات المعالجة الرئيسية، فضلا عن معالجات رسوميات عالية الأداء، وشرائح ذاكرة شديدة الاتساع، وتوفر هذه المواصفات أداء اجماليا يبلغ 400 بيتا فلوب، مما يجعل الحاسب الأسرع علي الإطلاق داخل بريطانيا، ومناسب تماما لتشغيل تطبيقات وتقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، وغيرها من التطبيقات المعقدة.
وقت استثنائي
تمكنت إنفيديا من بناء الحاسب، وجعله جاهز للتشغيل خلال 20 أسبوعا فقط، مما جعل سبنسر لامب، نائب رئيس المبيعات والتسويق في كاو داتا يصف بناء جهاز بهذا الحجم في مثل هذه الفترة القصيرة من الوقت بأنه تنفيذ في وقت استثنائي، ففريق إنفيديا موجود علي الساحل الغربي من الولايات المتحدة، واعتادوا على انشاء الحاسبات السوبر، عبر الوجود الفعلي في الموقع، وإلقاء نظرة علي كل شيء، لكن في هذا المشروع، ما كان عليهم فعله هو إدارة هذا التثبيت عن بُعد ، دون التواجد فعليًا في المبنى.
وعندما تم الإعلان عن بناء كمبريدج واحد، كانت كاو داتا قد قضت اكثر من نصف عام، في تنفيذ إجراءات تشغيلية صارمة لحماية مراكز بيانات الشركة من انتشار كورونا، وهي إجراءات فرضت عدم السماح لأي شخص بخلاف الموظفين الأساسيين بالوصول إلى الموقع، وقد فشلت كل الجهود في منح فريق انفيديا حق الدخول إلي المبني، ولم يكن الحل سوي البناء عن بعد.
الروبوت في الموقع
اتخذت إنفيديا قرارا بالاعتماد علي طراز من الروبوتات الصغيرة المتنقلة، التي تدور في الموقع، حاملة كاميرا عالية الدقة، مزودة بعدة واسعة الاتساع، بعمل برؤية 360 درجة، لتمكن المهندسين في سانتا كلارا علي بعد آلاف الاميال، من متابعة كل شيء علي أرض الواقع بدقة، وبحسب م قاله مارك هاملتون رئيس هندسة الحلول في إنفيديا، فإن هذا الروبوت شيء بسيط، أقرب إلى عجلتين مزودتين بحاسب لوحي، موضوع علي عصا، وتم استخدامها من قبل في بناء حاسب سوبر آخر يحمل اسم “سيلين”، ومشابه لكمبريدج وان، ويمتد عبر عدة غرف، علي بعد مبني واحد من المقر الرئيس لشركة إنفيديا، لكن الاختلاف هذه المرة ان مقر كمبريدج وان العملاق علي بعد آلاف الأميال في بريطانيا.
اصبح الروبوت الصغير جزءا محوريا في تنفيذ أسلوب ” ديناميات السوائل الحسابية لنمذجة المساحة”، وهي طريقة تتبعها إنفيديا في بناء الحاسبات السوبر، ويتم من خلالها نمذجة وإدارة المساحة الموجودة تحت تصرفهم في المبني أو المكان المخصص لبناء الحاسب، ومن خلالها يحددون المكان الذي يريدون وضع الحواسب الخادمة، ورفوف الحاسب “الراكات” التي تشكل اللبنات الأساسية للكمبيوتر العملاق.
ولأنه لم يكن هناك أي من مهندسي إنفيديا في الموقع، فقد قاموا بوضع أبواب زجاجية منزلقة تفتح تلقائيا، ليدلف منها الروبوت في ذهابه وايابه وتجواله اثناء العمل، ومع ذلك كان أمام إنفيديا مهمة التجميع المادي والفعلي للمكونات الجهاز، وتثبيتها معا، ونظرا لتعقيد عملية بناء الحاسب، كان هناك العديد من المناسبات التي كان من الممكن أن تسوء فيها الأمور، لكن خبرة إنفيديا تطوير أجهزة من هذا النوع حالت دون حدوث مفاجآت سيئة، فالرفوف بحجم الثلاجة التي يتألف منها الكمبيوتر العملاق كلها مصنوعة من أجهزة كمبيوتر أصغر حجمًا ، كل منها يحتوي على عشرة كابلات ألياف بصرية بارزة، وهذا كثير من التجميع اليدوي إذا كان عليك توصيل كل تلك الآلاف من الكابلات داخل مركز البيانات.
في هذه النقطة يقول هامليتون : الحقيقة التي اكتشفناها ، هي أنه كلما قل عدد البشر غير الضروريين تمامًا ، كان من الأفضل لك القيام بالمهمة بشكل أكثر فاعلية، وهذا ما اثبته الروبوت فعليا، فالعيون الموجودة على الأرض ، والعمل بالشراكة مع فريق إنفيديا البعيد ، حققوا النتيجة المطلوبة ، دون الحاجة إلى إرسال أفراد إنفيديا فعليًا إلى كامبريدج.
ثلاث غرف وآلاف الكابلات
تم إنشاء الحاسب عبر ثلاث غرف عملاقة داخل المبني، جميعها مزودة بأنظمة طاقة وتكييف منفصلة، تم تجهيز كل غرفة بصفين من 12 رفًا بحجم الثلاجة ، وآلاف من كابلات الألياف الضوئية التي تربط الأنظمة ، مثبتة مثل سلالم أفقية أعلى الرفوف.
ولتفادي التداعيات السلبية التي عادة ما تصاحب ذلك، تم تصميم جهاز الكمبيوتر العملاق، بحيث يكون مجهزا مسبقا في المصنع قدر الإمكان، بطريقة تشبه كتل البناء الكبيرة، ليكون سهلا في التركيب، وهو نهج بدأت إنفيديا تنفيذه في 2018، للجيل الثالث من الحاسبات السوبر التي صممتها الشركة، وقامت بتطبيقه علي كمبريدج واحد، حيث تم توصيل حزم من مئات من كابلات الألياف الضوئية وتعبئتها مسبقًا ، ثم شحنها إلى مركز البيانات ، حيث لم يتبق للمهندسين سوي مهمة توصيل أحد طرفي الخوادم والآخر في محولات الشبكة.
من المخطط أن يتم عرض أولي المشروعات الجارية علي الحاسب الجديد بحلول منتصف ابريل، خلال المؤتمر السنوي لتكنولوجيا معالجات الرسوميات، الذي تنظمه إنفيديا، حيث سيعلن عن النتائج الأولي لبحث، تنفذه كمبريدج مع اربع مؤسسات رعاية صحية، منحت الوصول الي الجهاز واستخدامه، منها شركة استرازينيكا المنتجة للقاح مضاد لكورونا، وكلية لندن الملكية، ومع قوة الحوسبة التي يوفرها الحاسب، سيتمكن العلماء من حل العديد من المشكلات القائمة على البيانات التي كان من الصعب في السابق الاستفادة منها ، مثل التشخيص الأفضل للمرضى وتحديد العلاجات المناسبة ، واكتشاف أدوية جديدة.