لوحة المفاتيح في مهب الريح بعد الكتابة علي الاسطح بالواقع الافتراضي

في المستقبل القريب، إذا ما رغبت في الكتابة، سيكون بإمكانك ان تقوم بتشغيل حاسبك المحمول او اللوحي او هاتفك الذكي، ثم تجلس او تقف امام أي سطح مستو، وترتدي نظارة،  فتظهر أمامك لوحة مفاتيح افتراضية علي السطح المستو، فتقوم بتحريك اصابعك في الهواء لتلامس السطح بخفة شديدة، وتكتب ما تشاء بسهولة ويسر، ومن دون ضغط علي الأصابع، ومن دون وجود لوحة مفاتيح، وبعد بضعة مرات من التمرين، ستصل سرعتك في الكتابة الي 73 كلمة في الدقيقة، ويقل معدل الخطأ لديك الي 2.4ٌ% فقط، وسيتحقق لك ذلك إذا من نجحت تقنية الكتابة الجديدة علي اللوحات الافتراضية، وجري الإعلان عنها مؤخرا، وتمكنت من الوصول لمرحلة التسويق التجاري.
فيس بوك تطور التقنية مؤكدة : الحد الأقصى للخطأ 2.4%
نظارة “اوكيليوس” تتتبع حركة الأصابع وتحولها لكتابة
الكتابة تتم  علي أي سطح مستو بسرعة 73 كلمة
طور هذه التقنية باحثو معمل الواقع بفيس بوك، المعروف باسم ” إف أر إل”، وأعلنونا أمام المؤتمر الدولي لتقنيات واجهة المستخدم “يويست 2020″، ولا تزال في المرحلة التجريبية.
لا شيء يضاهي اليد
قال باحثو فيس بوك في تقرير مطول نشروه بقسم التقنيات الجديدة بموقع فيس بوك tech.fb.com،  أن طريقة الكتابة دون وجود لوحة مفاتيح فعلية، هي جزء من مشروع تتبع حركة اليد، وأهمية هذا المشروع تعود إلي أنه عندما يتعلق الأمر بفعل الأشياء بشكل طبيعي ، فلا شيء يضاهي يد الإنسان، حيث تساعدنا الأيدي البشرية البديهية والقابلة للتكيف والمفهومة من قبل مليارات الأشخاص على إنجاز المهام الروتينية والأعمال الإبداعية وكل شيء بينهما، وبالتالي فهي المدخلات المثالية لمعظم الأنشطة.
وتقوم فكرة استخدام تقنية تتتبع حركة اليد في الكتابة بدون لوحة مفاتيح، على ارتداء المستخدم لنظارة الواقع الافتراضي، ورؤية لوحة مفاتيح افتراضية تظهر فوق أي سطح مستو أمامه، وما عليه سوي تحريك أصابعه ولمس هذا السطح بخفة شديدة، في مواضع المفاتيح التي يراها افتراضيا عبر النظارة، لتتم الكتابة، وإدخال النصوص إلي الحاسب، وهنا استفاد الباحثون من تقنيات تتبع حركة اليد التي جري العمل عليها في مجالات وتطبيقات أخرى، كما هو الحال في مجال الألعاب، وتطبيقات الواقع المعزز، المصممة لجعل التفاعل مع التكنولوجيا أكثر سهولة، وإتاحة تقنية الحوسبة الغامرة لعدد أكبر من الأشخاص من خلال اعتماد نهج “تعال كما أنت” للتفاعل بين الإنسان والحاسب، وأضاف الباحثون أن تطبيقات تتبع حركة اليد تتضمن توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة، والشبكات العصبية، ومعالجة الصور المأخوذة من مصادر متعددة في الوقت الحقيقي، حتي يتم فهم حركة الأصابع، وترجمتها الي حروف كتابة وكلمات، وإدخالها كنص صحيح إلي الحاسب.
فهم أنماط الكتابة
أشار الباحثون إلي أن الكتابة باللمس بدون لوحة مفاتيح فعلية، وبدون الاستفادة من ردود الفعل اللمسية من المفاتيح الفردية تطلب فهم أنماط الكتابة غير المنتظمة، ولذلك جري استخدام تقنيات فك التشفير الإحصائية المستخدمة في التعرف التلقائي على الكلام المسموع، التي تستخدم نموذجًا صوتيًا للتنبؤ بالصوتيات من إطارات الصوت، وبدلا من ذلك تم في هذا استخدام نموذج الحركة للتنبؤ بضربات المفاتيح من حركة اليد، جنبا إلي جنب مع نموذج للغة، يساعد في التنبؤ بما ينوي الناس كتابته، على الرغم من حركة اليد الغامضة.
بمواصلة الأبحاث، اكتشف الفريق أن تتبع حركة اليد، يحقق نتائج جيدة للغاية في عزل حركة الأصابع الفردية ومساراتها عند وصولها إلى المفاتيح، ومن جانب آخر وجدوا أن فهم الأيدي التي تعمل في الفضاء الافتراضي أمر تكتنفه ثلاث مشكلات، الأولي مقاس المساحة المادية التي يتم تعقب اليدين فيها، فبدون مساحة عمل كافية، ستختفي يديك ببساطة من مجال الرؤية، مما يؤدي إلى مقاطعة تفاعل المستخدم فجأة، والمشكلة الثانية هي تتبع وفهم الارتعاش في الأصابع، والذي ينتج عنه حركات يد متشنجة وغير طبيعية، والمشكلة الثالثة أن تشغيل أنظمة تتبع حركة اليد يسحب جزءا كبيرا من قدرة المعالج ومخزون الطاقة بالبطارية داخل نظارة اوكيليوس خلال وقت قصير.

حل المشكلات الثلاث

تمكن الباحثون من التغلب على العقبات الثلاث، فمساحة العمل تم حلها بتشغيل اربع كاميرات تتبع حركة اليد بصورة متزامنة، ويتم معالجة الصور المنتجة منها لحظيا، كما تم وضع نموذج جديد للتميز بين الحركة العادية اثناء الكتابة، والارتعاش، حيث طور الباحثون التصميم الخاص بالشبكة العصبية التي تتوقع حركة اليد فحقق الفريق انخفاضًا كبيرًا في الاهتزازات دون التضحية بالدقة ، وكلاهما عنصران أساسيان عند بناء تتبع يدوي نابض بالحياة، وأخيرا تم ابتكار حل جعل تطبيق تتبع حركة اليد يستهلك 7% فقط من قدرة معالج النظارة وبطاريتها، وكانت النتيجة الاجمالية الكتابة بسرعة 73 كلمة في الدقيقة بمعدل خطأ 2.4%. مما يجعل التجارب واعدة للغاية.
في النهاية، أكد الباحثون أن هذه التقنية تنبئ  بتغييرات ثورية في تصميم وإنتاج وطريقة عمل الحاسبات المكتبية والمحمولة واللوحية، وأي جهاز آخر يعمل على إدخال الكلمات عبر لوحة المفاتيح التقليدية، حيث ستعمل حال استخدامها تجاريا على نطاق واسع، إلي إزالة لوحات المفاتيح من الاجهزة، مما سيؤدي حتما إلي تغييرات كبري في تصميم وإنتاج هذه الأجهزة، ستكون في الأغلب لصالح خفة الوزن وقوة الحوسبة وسعة الذاكرة ووحدة التخزين.