بتقنية تعلم الآلة: صور نابضة بالحياة لوجوه 54 امبراطورا رومانيا قديما

هل يمكن الحصول علي صورة نابضة بالحياة، ومليئة بالتفاصيل الدقيقة لوجه شخص مات منذ مئات السنين ؟ للوهلة الأولي تكون الإجابة لا بالطبع، لأن التفاصيل الدقيقة النابضة بالحياة تتطلب ان يتم التقاط الصورة للشخص وهو علي قيد الحياة، لكن تقنية تعلم الآلة، جعلت بالإمكان الإجابة بنعم، لأنها تجعل قدرا ضئيلا من بقايا تمثال قديم كافية تماما لإنتاج صورة نابضة بالحياة لوجه الشخص المتوفي منذ مئات السنين، وهذا ما تم فعليا في تجربة قام بها خبير في مشاهد الواقع الافتراضي بالسينما، تمكن عبر هذه التقنية من انتاج صور واضحة التفاصيل، نابضة بالحياة، لوجوه 54 امبراطورا رومانيا قديما، وقام بطباعتها بمقاسات كبيرة، للحصول علي صور مشابهة إلي حد كبير لما يمكن  التقاطه بالكاميرا.
معالجة التماثيل  كمبيوتريا لإنتاج التفاصيل الدقيقة لوجوه الاباطرة
الصور المنتجة تقترب من جودة اللقطات المأخوذة بالكاميرا 
تدعيم برامج تحرير الصور  بتعلم الآلة وراء نجاح التجرية
نفذ هده التحربة دانيال فوشارت، الخبير في تصميم مشاهد الواقع الافتراضي بأفلام السينما الامريكية، بعدما توقفت اعماله بسبب كورونا، فبات لديه وقت فراغ لا يعرف ما يفعله به، فراح يشغل وقته بممارسة هوايته في تحرير وتعديل الصور القديمة، لمنحها قدرا من الحياة والبريق، لكن الهواية انتهت بمشروع لاستخدام أحدث علوم الذكاء الاصطناعي، وتحديدا تقنية تعلم الآلة، مع البرامج المتقدمة لتحرير الصور، لإنتاج صور وجوه اباطرة الرومان.
من الهواية للتحدي
بحسب ما قاله دانيال فوشارت، فإنه في بداية الأمر  لم يكن يهتم على الإطلاق بصور اباطرة الرومان أو يرغب في معرفة شيئا عنها أو التعامل معها، إلي أن صادف صورا لبعض الأباطرة، بدت تفاصيل الوجوه الموجودة بها، إما ناقصة لكونها منقولة عن تماثيل قديمة متكسرة، او غير واضحة تماما لكونها ملتقطة من عملات قديمة، ومن ثم بدت خالية من اية تفاصيل حية، تجعلها مماثلة للصور العادية، كلون البشرة، وتقاسيم الوجه، واللحي، ولون العينين وشعر الرأس، وتفاصيل الاذن والفكين، وغيرها.
قال دانيال أنه اختار نوع من الشبكات العصبية المستخدمة مع تقنية تعلم الآلة شائعة الانتشار في مجال معالجة الصور، يطلق عليها شبكة الخصومة التوليدية أو “جي آية إن”، وقرر استخدام هذه الشبكة مع احدث إصدارات برنامج “فوتو شوب” لتحرير ومعالجة الصور، وبرنامج عبر الإنترنت يسمي ” آرت بريدير” يدعم العمل مع تقنية تعلم الآلة، وشبكة ” جي آية إن ” العصبية.
وأضاف أنه قام أولا بتجهيز صور الاباطرة، التي جمعها من التماثيل واللوحات والعملات المعدنية، على برنامج فوتو شوب، ثم تغذية برنامج “ارت بريدير” بهذه الصور، واجراء بعض التعديلات اليدوية عليها، استنادًا إلى الأوصاف التاريخية، ثم دفع بها إلي شبكة ” جي أية إن” العصبية، لتنفيذ بقية السيناريو، ما أدى إلى الحصول على أفضل جودة للصور، وجعلها تبدو في النهاية كالصور الواقعية الملتقطة للأباطرة وهم احياء يرزقون. على الرغم من أنهم منذ قرون.
بيانات تاريخية وتفصيلية
لم تكن تقنية الآلة وصور بقايا التماثيل وحدها هي الأشياء التي استخدمها دانيال في تجربته، فقد تطلب الأمر  استخدام موارد متنوعة، تشمل بيانات ومعلومات تاريخية تفصيلية عن كل امبراطور، وسماته وملامح وجهه، ثم تنميط هذه البيانات لتصبح في صورة قابلة للمعالجة الحاسوبية، جنبا إلي جنب مع الصور المتاحة، ولتنفيذ ذلك عمليا، اتصل دانيال فوشارت بعشرات من الباحثين والخبراء في التاريخ الروماني، للحصول على البيانات التفصيلية لملامح كل امبراطور على حدة، كما وسع دائرة بحثة ليشمل العديد من الصور لكل امبراطور، كما قام بمراجعات فنية لمجموعة من برامج الصور المتقدمة، للاستقرار على أي منها سيستخدمه في انتاج الصور النابضة بالحياة للأباطرة،
يومان لإنتاج الصورة
قال فوتشارت أن الصورة الواحدة تستغرق فترة تتراوح بين يوم الي يومين لتصميمها وإنتاجها، بخلاف فترة تجميع المواد التاريخية الأولية، ويتضمن الأمر أحيانا إدخال صور عالية الدقة لبعض المشاهير في شبكة ” جي أية إن” العصبية لزيادة الواقعية. فأثناء إنشاء صورة الامبراطور ماكسيمينوس ثراكس ـ على سبيل المثال ـ تم تغذية الشبكة بصور المصارع العملاق اندريه، لأن هناك معلومة تاريخية قالت أن ثراكس كان يعاني من اضطراب في الغدة النخامية في شبابه ، مما منحه فكًا وإطارًا جبليًا. وهو ما حدث للمصارع اندرية العملاق أيضا، وهذا الأمر جعل الشبكة العصبية تتعلم كيف تنتج صورة ثراكس بميزات فك وجبين وجه أصيب فعليا باضطراب في الغدة النخامية. وهنا يقول فوشارت “إنتاج الصورة يبدو في هذه الحالة وكأنه عملية كيميائية، تعتمد على مزيد دقيق من المدخلات لإنشاء المنتج النهائي.