بصمة القزحية العنيدة: ساحة الصراع بين اللاجئين والتقنية

فقدان مباهج الحياة مقابل الحفاظ عليها، هذا باختصار ملخص واقع اللاجئين. قد تنجو بحياتك لكنك قد لا تنجو من الجوع والمرض والبرد والجهل وفقدان الصحبة ومراتع الصبا ودفء الوطن.

مرفت عبدالعزيز

 

للاجئين حياة ناقصة، تنتشر في جنباتها مفردات لا يعرفها غيرهم ممن اجتمعت عليهم أهوال الغربة والفقر والفقد. لو قادتك قدماك إلى منتدياتهم أو أماكن تجمعهم قد تستمع لعبارات لم تألفها أذناك من قبل، كالبطاقة الصفراء أو رسالة الشتوية أو بصمة القزحية، أو صرخة طفل ولد في الغربة يحتاج إلى إثبات مجيئه إلى هذه الدنيا. في البداية لا تفهم ما يقال، لكن مع الوقت تدرك أن الشكاوى الصغيرة قد أصبحت عالما بأكمله يعيشون فيه، وبعضها رغم أنك قد تراه ضئيلا للغاية يعيق حيوات كاملة. المساعدات التي تقدمها المفوضية السامية للاجئين تشكل إعانة ذات بال أو نواة تسند كما يقول المثل زير العوز والحاجة في ظل ظروف مادية بالغة الصعوبة، زادت من قسوتها جائحة كورونا التي منعت الكثيرين منهم من العمل، خاصة أن معظمهم يعمل في مهن هامشية وغير مستقرة.
مبالغ زهيدة واحتياج أشد
فجوة التواصل يستغلها ضعاف النفوس
سبعة من كل عشرة لاجئين لا يدبرون احتياجاتهم الأساسية
أرقام الهواتف المتكررة تربك مفوضية اللاجئين
طريق الألف ميل
لكن الحصول على منح المفوضية ليس أمرا سهلا، بل يمر بسلسة من الخطوات المتتابعة، تبدأ دوما باختيار هؤلاء الذين يحتاجون إلى المساعدة. وهنا تسمع أنينا يصل أحيانا إلى حد الصراخ، فمن حرم من المساعدات يتحسر مؤكدا أنه لم يعرف السبب وراء استبعاده، ومن أعطي يسأل لماذا تأخر إرسال المساعدة إليه رغم إرسالها لأنداده.
نفتقد المعايير
ليلى” اسم مستعار” على سبيل المثال عاملة بأحد محال الملابس بمركز تجاري متوسط بمدينة السادس من أكتوبر، تميل للصمت لكنها مع ذلك لا تخشى النقاش ولا تشعر معها بالخجل، راغبة في المساعدة قدر طاقتها. تؤكد ليلي أنها جاءت إلى مصر من السودان وعندما طلبت من المفوضية مساعدتها رفضت لأنها شابة تستطيع العمل. فطلبت عندئذ مساعدة أسرتها خاصة أن والدها شيخ مريض، فرفض المسئولون أيضا مشيرين إلى إن بإمكانها هي مساعدتهم. اجتمع على “ليلى” هم الغربة وحتمية العمل لتلبية متطلبات الحياة، وكذلك عبء التعامل مع الزبائن أثناء جائحة كورونا. المحل تقريبا فارغ لكن مع ذلك عليها أن تبذل قصارى جهدها مع أي زبون جديد، فصاحب المحل وهو سوري أيضا يريد الرزق الذي يمكنه من تلبية متطلبات أسرته. سألت “ليلى” إن كانت ترى أن هناك حلولا تقنية يمكنها أن تخفف جزءا من أزمتها كلاجئة، لكنها كانت في واد آخر، إذ لا تهتم إلا بالمساعدات التي حرمت منها وحرمت منها أسرتها. قلت لها: هل ترغبين في معرفة المعايير التي يتم على أساسها منح البعض وحرمان الآخرين؟ تهلل وجهها، نعم إنها المعايير حتى لا يجتمع علينا الحرمان والغربة والشعور بالظلم، فقط نود أن نعرف المعايير.
 البشرى والتحذير
المرحلة الثانية من مراحل المعاناة في رحلة المساعدات الشاقة هي مرحلة الحصول على المنحة، وتبدأ برسالة يتلقاها المستحق على هاتفه تحدد له موعدا لتلقي المنحة بمهلة يجب ألا يتجاوزها. وعندئذ تبدأ مرحلة أخرى من التمايز، فالبعض يتلقى الرسالة في الموعد الصحيح، والبعض لا تصل إليه الرسالة المنتظرة في وقت يكون في شدة الاحتياج إليها. وهنا يتساءل من وصلتهم الرسالة على وسائل التواصل إن كان الرفاق قد وصلت إليهم نفس الرسالة وهل بدأوا في صرف المستحقات؟ فتبدأ عاصفة جديدة من رسائل النفي ورسائل الحسرة، ومخاوف من انتهاء مهلة تلقي المنحة دون استلامها.
في مواجهة الحقيقة
لاجئ ينظر في جهاز قراءة بصمة العين ـ صورة من صفحة مفوضية اللاجئين بالقاهرة
وتبدأ المرحلة الثالثة، إنها مرحلة مواجهة الحقيقة، فالرسالة على الهاتف والمنحة في مكاتب البريد وبصمة العين اللازمة لتلقيها لا تتطلب سوى خلع قناع الوجه والنظر إلى عدسات الجهاز الصغير القابع في مكتب البريد لتسمح لهذا أو ذاك ببلوغ الحلم. لكن الحقيقة أن هذه العدسة العنيدة ترفض السماح لفئة من أصحاب المساعدات بالحصول عليها وترفض الاعتراف بهم، وتناوئ البعض الآخر فيطيلون النظر إليها بلا جدوى. وهذه النسبة لا تتجاوز 20% وفقا لاستبيان أجريناه باستخدام نماذج جوجل ونشرناه داخل عدد من مجموعات اللاجئين الأفارقة عبر منصة فيس بوك، حول تقييم اللاجئين لأسلوب صرف المساعدات باستخدام اجهزة قراءة بصمة العين، حيث أكد هؤلاء أن  الأمر بالنسبة لهم جعل التقنية عدوا ينبغي مواجهته. فتعطل الشبكة التي يرتبط بها ماسح القزحية أو جهاز التعرف على الأشخاص باستخدام بصمة العين وقف أمام مساعيهم بالمرصاد.
تكلفة إضافية
أحد تنويهات مفوضية اللاجئين بالقاهرة حول تعطل جهاز قراءة القزحية بأحد مكاتب البريد
والحقيقة أن شكوى اللاجئين في هذا الصدد أكدتها الجهات المسئولة نفسها، فقد نوهت المفوضية السامية لشئون اللاجئين في مصر في نهاية شهر نوفمبر الماضي أن جهاز ماسح القزحية بمكتب بريد حي المهندسين لا يعمل نظرا لبعض المشاكل التقنية، ومن ثم على المستفيدين التوجه إلى مكتب أرض اللواء أو مدينة الأوقاف أو مكتب بريد الجيزة أول عوضا عن مكتب المهندسين مؤقتا لحين إصلاح العطل. وأشارت إلى أن المدرجين بقائمة المساعدات النقدية عبر ماسح القزحية يمكنهم الذهاب لمكاتب البريد المصري المجهزة بماسح القزحية ونشرت رابطا لها. لكن اللاجئين يرون أن تعطل الجهاز يحرمهم من المساعدات في وقت يحتاجون فيه إليها، كما أن الذهاب إلى أكثر من مكان مكلف ومرهق ويعرضهم للعدوى في زمن كورونا. وفي نفس الوقت، فإن المكاتب التي تعطلت فيها البصمة ترفض الصرف لهم لأن الإقامات منتهية في البطاقة الصفراء.
تواصل يفتقد التواصل
وهنا أيضا تبدأ مرحلة جديدة في مشوار الحصول على المنحة. تتعلق هذه المرحلة بالشكوى ليس من عدم الإدراج في فئات المستحقين أو عدم تلقي الرسائل، وإنما بعناد العدسة والقائمين عليها، وللأسف تصبح صفحة المفوضية على وسائل التواصل الاجتماعي طرفا جديدا في المشكلة، فالصفحة التي بث اللاجئون شكاواهم إليها لم تعد سوى حائط إعلاني، ولا يجيب القائمون عليها على أسئلة اللاجئين حتى بشكل مجمع. وهواتف المفوضية لا تجيب أو مشغولة. وتدريجيا تتحول الأدوات التي قدمتها التنقية إلى عصر ما قبل التقنية، فصفحة التواصل ليس بها تواصل، وبصمة القزحية ترفض العمل فتعطل المحتاجين عن استلام المال وتجعلهم في خوف دائم من انتهاء موعد المنحة. أما هؤلاء الذين حاولوا الصرف من الأماكن التي لم تتعطل بها بصمة القزحية، فأصرت العدسة العنيدة على عدم الاعتراف بهوية بعضهم.
معركة التحايل والوعي
التفسيرات التي يقدمها اللاجئون أنفسهم لهذا الرفض مختلفة وتعتمد في كثير منها على التجارب والأزمات التي مرت بهم. فمحمد صاحب محل لبيع الحلوى والأجبان السورية في أحد الأسواق التجارية بمدينة الشيخ زايد غرب القاهرة، يرى أن المشكلة لا تكمن في بصمة القزحية المعطلة ولا في مكتب المفوضية في مصر، إنما يردها إلى قيام بعض ضعاف النفوس باستغلال ضحالة وعي بعض أصحاب المنح، وإجبارهم على القيام بإجراءات الحصول على المنحة كالتقاط بصمة العين، ثم الادعاء بأن البصمة أكدت أن اللاجئ لم تصل إليه أية أموال، ليقوم هو لاحقا بالحصول على هذه الأموال بعد أن أصبح الحصول عليها أمرا سهلا لقيام صاحب التحويل بإجراء بصمة العين. ويؤكد محمد أيضا أن أحد أقاربه ممن تصل إليهم هذه الأموال عن طريق بعض خدمات الدفع كخدمة فوري قدم الكود والرقم الخاص به للفرع، غير أن الموظف أكد أنه راجع البيانات وأن الأموال لم تصل بعد، ثم استولى على المال لنفسه. وعندما راجع اللاجئ مسئولي المفوضية أكدوا أن المال قد أرسل إليه بالفعل، فعاد لخدمة الدفع ثانية، وهنا اضطر الموظف لرد المال مبررا ذلك بتعطل الماكينة وأن المال خرج منها بعد مغادرة المستفيد وأنه احتفظ له بالمال حتى يعود.
تعددت الأسباب
نتائج استبيان للاجئين بالقاهرة حول اسلوب صرف المساعدات باجهزة قزحية العين
 محمد يؤكد أن السبب في ذلك هو قلة التواصل المسموح به بين مسئولي المفوضية في مصر واللاجئين، إذ لا يستطيع اللاجئ الوصول لمسئولي المفوضية وسؤالهم عن المنح التي لم تصل رغم إرسالها.
وعلى العكس من رأي محمد يؤكد نحو 60% ممن ملأوا الاستبيان أن المشكلة الحقيقة وراء الأمر هي تكاسل الموظفين الذين لا يرغبون في بذل الجهد لمنحهم مستحقاتهم، على حين رد 20% منهم الأمر إلى تعطل جهاز البصمة، والحل من وجهة نظر هؤلاء أن يكون استلام المساعدات برقم الكارت.
لكن على الجانب الآخر أكد بعض اللاجئين أنهم عندما فشلوا في التوقيع ببصمة العين عرض عليهم بعض الموظفين استخدام البطاقة كبديل للتوقيع على أن يحصلوا على نسبة من مبلغ المساعدة الزهيد.
لم يعد علي العين حارس
أما الفريق الثالث الذي بلغت نسبته أيضا 20% من الخاضعين للاستبيان فأكدوا أن ثمة سبب آخر يقبع خلف رفض بصمة العين توقيع المستفيدين، وهو الأمراض التي تصيب العين، كتغير حجم بؤبؤ العين نتيجة لبعض المشكلات الطبية، أو إصابة البعض بالمياه البيضاء أو إجراء عمليات لإزالتها، أو الإصابة بمضاعفات مرض السكري أو إجراء عمليات تصحيح البصر، بل وأحيانا بسبب الرموش والعدسات والانعكاسات. فلم يعد على العين حارس يواجه صلف التقنية وتحفظاتها.
والحقيقة أن الأبحاث الخاصة بأثر أمراض العيون في التعرف الآلي على قزحية العين، أكدت ضعف أداء طرق التعرف الآلي على قزحية العيون المصابة بإعتام العدسة Cataract Affected Eyes عند مقارنتها بالعيون السليمة. من هذه الأبحاث بحث بعنوان: تأثير الإصابة بالمياه البيضاء في التعرف الآلي على القزحية Cataract Influence On Iris Recognition Performance، بنى فيه الباحثون قاعدة بيانات خاصة بهم تضم 1288 صورة لنحو 37 عين مريضة في جامعة وارسو الطبية. مثلت الصور العديد من أمراض العين الشائعة مثل إعتام العدسة أو الكتراكت، إلى جانب حالات أقل شيوعا مثل تغير نمط القزحية الناتج عن المرض أو صدمة العين. وتم التقاط الصور في ضوء قريب من الأشعة تحت الحمراء التي تستخدم في أدوات القياس الحيوي. وأظهرت النتائج تراجعا ملحوظا في التعرف على قزحية العين في أمراض الكتراكت مثلا.
ماسحات القزحية والشبكية
وفي سياق مراجعة ما إذا كانت المشكلة تعود إلى نوع جهاز بصمة العين المستخدم في مصر، وجدنا أن هناك فرق بين أجهزة التعرف على قزحية العين Iris Recognition وأجهزة مسح الشبكية Retinal Scans رغم استخدام المصطلحين عادة على أنهما نفس الشيء. فالقزحية هي الجزء الملون المحيط بإنسان العين -البؤبؤ- وهي عضلة تتحكم في حجم البؤبؤ وكمية الضوء التي يسمح بدخولها للعين. بينما الشبكية جزء غير مرئي من العين يمثل طبقة رقيقة من الأنسجة العصبية التي تبطن الجزء الخلفي من مقلة العين بالقرب من العصب البصري. تستشعر هذه الشبكية الضوء الذي يدخل إلى العين وترسل إشارات إلى الدماغ لتفسيرها.
ولأن القزحية مرئية، يسهل التقاط صورتها، حيث يقف المرء على مسافة من كاميرا التعرف على القزحية التي تستخدم الاشعة تحت الحمراء ويتم التقاط صورة رقمية لها، ثم يتم تحويل الصورة إلى قالب رقمي يصل حجمه إلى 512 بايت وتخزينه في قاعدة بيانات على الحاسب. تستغرق العملية أقل من ثانيتين ولا تتضمن أية أضواء ساطعة أو تلامس، ويستغرق التحقق أقل من ثانية. لكن معظم القياسات الحيوية تتغير مع الوقت، فبصمات الأصابع تتأثر بالعمل اليدوي والجروح والنمو، والأصوات وهيكل الوجه يتغيران بتقدم العمر، وتبقى القزحية الأكثر ثباتا. أما مسح الشبكية فيركز على شبكة الأوعية الدموية التي تمد الشبكية بالدم، لذا تظل الشبكية ثابتة خلال حياة الإنسان. لكن الانتقال إلى مسح الشبكية ليس يسيرا، فمسح الشبكية ابتداء يحتاج إلى جهاز مسح خاص يطلق شعاع من الضوء على العين، كما يحتاج التأكد من بصمتها إلى اقتراب المرء من الجهاز بدرجة كبيرة أكثر من جهاز القزحية. كما أن نمطها قد يتأثر بالجلوكوما ” المياه الزرقاء” ومرض السكر وأمراض الشبكية التنكسية. لذا نادرا ما يتم استخدام مسح الشبكية للتأمين أو تحديد الهوية لأنها عرضة للتغير بمرور الوقت وباهظة الثمن، وهو أمر لا تتحمله موارد المفوضية أو مكاتب البريد.
على أعتاب المفوضية
ريم عبد الحميد، مسؤول أول العلاقات الخارجية بمفوضية اللاجئين في مصر
وضعنا رحالنا أخيرا على باب مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين لمقابلة مسئوليها عسى أن يدلونا عما غمض علينا في هذه الرحلة الطويلة للحصول على المساعدات. وجاءنا الرد مكتوبا على لسان ريم عبد الحميد، مسؤول أول العلاقات الخارجية بمفوضية اللاجئين في مصر. كشفت عبد الحميد عن أن “المفوضية تقوم بإجراء إحصائيات ودراسات استقصائية عن أوضاع اللاجئين في مصر لمعرفة الفئات الأكثر احتياجًا، لكي تتمكن من مساعداتهم حسب احتياجاتهم. ” وذكرت ” إن غالبية اللاجئين في مصر هم من الفئات الأكثر احتياجًا، حيث إن سبعة من بين كل عشرة لاجئين غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية. وبعد انتشار الجائحة ازداد وضعهم سوءًا، حيث فقد الكثيرون مصدر دخلهم ومن ثم وجدوا صعوبة أكبر في شراء الغذاء أو دفع الإيجار، في الوقت الذي يشكل فيه التمويل المحدود للمفوضية تحديا صعبا لتوفير خدمات الوقاية والاستجابة الكافية.” وأوضحت مسئول المفوضية أن” برامج الدعم النقدي والمعونة التعليمية التي تقدم للأسر التي لديها أبناء في مراحل تعليمية مختلفة في بداية كل عام دراسي والخدمات الطبية تعتبر من أولويات المفوضية، إلا أن المفوضية اضطرت لتقليص هذه البرامج بسبب نقص الموارد. ودعت المفوضية اللاجئين وطالبي اللجوء إلى تحديث بيانات الاتصال الخاصة بهم من خلال التواصل معها خلال ساعات العمل” وذلك للتغلب على مشكلة تغير أرقام الهواتف التي قد تحول دون تلقي رسائل استحقاق المساعدات على الهاتف. وذكرت عبد الحميد “أن المفوضية قد استخدمت آلية خاصة لتحديث بيانات الاتصال الخاصة باللاجئين وطالبي اللجوء من خلال الإنترنت، مما مكنها من تحديث بيانات اللاجئين الذين قاموا بتغيير أرقام هواتفهم بالفعل.”
تحويل الملفات
وفي السياق نفسه، لم تنكر المفوضية المشكلات التي يتعرض لها بعض اللاجئين عند استخدام بصمة القزحية في صرف المساعدات المالية، لكنها أشارت إلى أنه ” إذا تعرض اللاجئ لأية مشكلات تعوقه عن إمكانية استخدام بصمة العين في صرف المساعدات المالية، تقوم المفوضية بدراسة الوضع وتحويل ملفه لصرف المساعدات من خلال إظهار بطاقة المفوضية الخاصة به. ولا يؤثر انتهاء البطاقات على قدرة اللاجئين وطالبي اللجوء في صرف مساعداتهم المالية. فإذا تلقوا رسالة من المفوضية لصرف المساعدات يمكنهم صرفها حتى وإن كانت بطاقاتهم منتهية، وهذا بناء على اتفاق بين المفوضية ومكاتب البريد المصرية”. حيث اختارت المفوضية عندما بدأت الشراكة مع مكاتب البريد منذ أكثر من ثلاث سنوات أن يتم “إيصال المساعدات النقدية من خلال هذه المكاتب نظرا لانتشار فروعها في أنحاء مصر”
ربط المستفيدين بالإعانات
وعن اختيار بصمة القزحية تحديدا رغم الصعوبات التي يواجهها اللاجئون بسبب تعطل أجهزتها في مكاتب البريد أوضحت عبد الحميد أنه “يتم تخزين مسح القزحية الذي يتم إجراؤه عند تسجيل اللاجئين في البلاد في قاعدة بيانات تحتفظ بها مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، ويستخدم للتحقق من هوية الأفراد عندما يطلبون المساعدة من المفوضية.” وتذكر عبد الحميد أن هذا النظام أكثر فائدة وتميزا عن البطاقات التي يحل محلها. كما تري أن ” الحد من استخدام المستندات الورقية عن طريق ربط المستفيدين مباشرة بالإعانات النقدية التي يحصلون عليها، تعتبر طريقة أكثر أمنا لتسليم المساعدات حيث تضمن استخدامها فقط من قبل الأشخاص المخصصة لهم.”
أما السبب وراء تعذر حصول اللاجئين على المساعدات داخل مكاتب البريد فترى مفوضية اللاجئين على لسان عبد الحميد أنه “أحيانًا تكون أرقام هواتف اللاجئين غير محدثة وهو أمر يسبب الكثير من المشاكل. وتعمل المفوضية حاليا على دراسة جميع أوجه التحديات التي تقابل اللاجئين عند صرف المعونات أملا في معالجة هذه المشاكل لضمان سلاسة وسهولة عملية صرف المنحة.” لكن مع ذلك لم توضح المفوضية السبب الذي يجعل قاعدة البيانات لا تكشف عن الازدواج في حينه حتى تتم مطالبة اللاجئ برقم مغاير لضمان حصوله على المساعدة.
التفاعل المفقود
الهاتف المحمول في يد لاجئ أمام موظف مكتب بريد بالقاهرة لعرض رسالة تأكيد وصول المساعدات
أما عن نقص التفاعل بين المفوضية واللاجئين حتى عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وتحول صفحة المفوضية على شبكة فيسبوك إلى ما يشبه اللوحة الإعلانية التي ينقصها التفاعل والاستجابة لردود الأفعال قالت عبد الحميد أن للمفوضية ثلاث صفحات تديرها على الفيسبوك ” واحدة تخص نشر المعلومات الهامة باللغة العربية والثانية باللغات الأخرى، وهناك صفحة ثالثة عامة لنشر التوعية بقضايا اللاجئين المختلفة. ونعمل على جمع الأسئلة التي نتلقاها والإجابة عنها من خلال موقع أطلقناه حديثا للرد على جميع الأسئلة الأكثر تكرارا عبر هذا الرابط: https://help.unhcr.org/egypt/faqs-covid19/ ، وقمنا مؤخرا بإطلاق فيديوهات بث مباشر مع العاملين على القطاعات المختلفة داخل المفوضية، كقطاع الصحة والتعليم والحماية وغيرها للإجابة على كل استفسارات اللاجئين. وتم بث الفيديو الأول منها في السابع من فبراير الحالي للحديث عن جائحة كورونا وكيفية حماية اللاجئين في تلك الفترة، وسنقوم بالبث المباشر مرتين شهريا على مدار الشهور القادمة. “
 وعن كون جميع الأرقام المعروضة للتواصل دوما مشغولة على مدار جميع ساعات العمل ذكرت عبد الحميد أن ” هناك ضغط دائم على أرقام المفوضية، خاصة بعد انتشار جائحة كوفيد 19، إلا أنه يمكن التواصل معنا خلال مواعيد العمل الرسمية من خلال أرقام الهواتف عبر القاهرة الكبرى والإسكندرية والساحل الشمالي.”
في النهاية لازالت معاناة اللاجئين قائمة وفي انتظار ألف حل، تعكسها ببساطة هذه العبارة التي قالها أحد اللاجئين من كبار السن: “صرنا نتمنى حياة الإنسان بالقرون الوسطى، الله لا يعوزنا إلا له”.