تجربة رائدة: علاج الأمراض النفسية بالألعاب الالكترونية عبر الإنترنت مع الطبيب المعالج

ألعاب
بعد تسع سنوات دراسة حصل خلالها على درجتي الماجستير والدكتوراه في علاج الأمراض النفسية، وثلاث سنوات من التجهيز التقني والتعمق في ممارسة ودراسة الألعاب الالكترونية، حصل الطبيب البريطاني ريان إيرل على ترخيص ببث عرض حي عبر الإنترنت باسم ” جلسات اللعب مع معالج”، يقوم فيه بتشغيل وممارسة مجموعة منتقاه من الألعاب الالكترونية بالمشاركة مع متابعيه ومرضاه، لتصبح الجلسة جلسة لعب وعلاج جماعي معا، بلغ عدد المشاركين فيها خلال الآونة الأخيرة 930 مريضا لاعبا، يعانون أمراض القلق والاكتئاب والتوحد والتوتر وغيرها، وباتت الجلسات تخفف عنهم أوجاعهم النفسية، حتي أن الطبيب أغلق عيادته الفعلية، وقصر نشاطه على جلسات مشاركة اللعب والعلاج مع مرضاه.
الطبيب يبث عرضا حيا بعنوان “جلسات اللعب مع معالج” لعلاج مرضاه
قدم محررو موقع “لاب توب ماج” معايشة كاملة لتجربة الدكتور ريان إيرل في علاج مرضاه بهذه الطريقة ذات الملامح الرقمية الكاملة، سواء في طريقة تقديم العلاج أو أدوات تنفيذ العلاج، فهي من ناحية تقدم العلاج عبر الإنترنت بآلية البث الحي، ومن ناحية أخرى تنفذ العلاج من خلال ممارسة الألعاب الالكترونية الشبكية، التي يتم تشغيلها والمشاركة فيها بشكل جماعي لحظي عبر الشبكة، ويعرض الفيديو التالي توضيحا لهذه الجلسات:

البدايات
وحول بداياته مع العلاج المعتمد على اللعب والطب النفسي، قال أن الأمر يعود إلي أيام دراسته الأولي قبل دخوله الجامعة، حينما حصل ذات يوم على هدية عيد الميلاد من والديه، وكانت عبارة عن لعبة “سيجا”، وساعتها لم يكن يعرف شيئا عن ألعاب الفيديو، وبعدها بدأ يتعرف على هذا العالم المثير، وخلال دراسته بالكلية ساعدته ألعاب الفيديو على التغلب على الاكتئاب، وقال: أنا ممتن للعبة World of Warcraft لأن ذلك أوصلني إلى سنتي الجامعية الأولى، وساعدتني على الخروج من الاكتئاب، وبعد ذلك باتت ألعاب الفيديو رفيقًا ثابتًا وموثوقًا لي ، وجميع الأصدقاء الذين بدأتهم باتصال أولي عبر ألعاب الفيديو. لا يمكنني حقا تصور من أنا بدونهم “.
في تلك المرحلة ، كان لدى الدكتور ميك رغبة ملحة في أخذ ما يعرفه عن العلاج وقدرته على تدريسه ، وتقديمه إلى الناس بطريقة يسهل الوصول إليها، ورأي في الألعاب الالكترونية الوسيلة المثلي لذلك، ومصدر الإلهام في هذا الامر كان تغريدة لأحد المعالجين النفسيين يقول فيها : أنا لست معالجًا ، أنا مجرد غاسل للنفوس، وهنا قال الدكتور ريان لنفسه: أنا معالج وألعب ألعابا، لماذا لا يكون لي تأثير أكبر مما لدي كمعالج فقط، وبعدها بدأ رحلة البحث والإعداد علميا وفي عالم الألعاب والتقنية، حتي انتهي به المطاف بالحصول على ترخيص ببث جلسات اللعب مع المعالج، ويقول :أفعل هذين الأمرين وقد منحتني الآن منصة لتثقيف الناس بشكل جماعي واستخدام ألعاب الفيديو كوسيلة يمكن الوصول إليها للقيام بذلك حيث يمكن للناس فهم الحزن أو الصدمة بشكل أفضل قليلاً من خلال الاستماع إليّ وأنا أتحدث عن أشياء داخل اللعبة.
ألعاب منتقاه
ألعاب الجولف وإله الحرب والمصير الأكثر استخداما بعروض العلاج
يبلغ الدكتور ريان إيرل من العمر 21 عاما، وله خبرة تسع سنوات في العلاج النفسي، وبدأ تجربته في العام 2018، ويقدم نفسه الي مرضاه بالاسم الذي يلعب به الألعاب، وهو “دكتور ميك”، ويقوم خلال الجلسة بتشغيل مجموعة منتقاة جيدا من الألعاب الالكترونية، وممارستها كلاعب محترف، استغرق عدة سنوات لكي يصل بمهاراته في اللعب الي المستوي الذي يجعله يعرفها بعمق، ويستخلص منها كيفية استخدامها كأداة علاج نفسي، وخلال الجلسة يقوم توقيفها بين الحين والآخر، ليشرح لمتابعيه من المرضي، الجوانب النفسية والعقلية في كل حركة ونشاط باللعبة وشخصياتها ومؤثراتها واحداثها، وكيف يمكنهم ممارسة اللعبة بالطريقة التي تحقق إفادة في العلاج، والتخفيف من المرض النفسي.
وفقا لما قاله الدكتور ريان فإن طريقته في العلاج النفسي تقوم على عملية دمج كاملة بين ادوات العلاج النفسي وقدرات ألعاب الفيديو، وعلى الدمج الكامل لدور الطبيب واللاعب المحترف من جهة، والمريض واللاعب المحب للعبة من جهة أخرى، بما يجعل العلاج واللعب أمرين مندمجين متلازمين معا خلال بث جلسة اللعب العلاجي، ويضيف إنه في بداية تقديم البث الحلي لـ “جلسات اللعب مع المعالج” لم يكن الإقبال جيدا، حيث يلغ عدد اللاعبين المرضي تسعة فقط، لكن خلال فترة وجيزة تزايد الرقم حتي أصبح عدد المتابعين يزيد على 930 مريضا لاعبا، وزاد عدد مرات البث لتصبح في حدها الأدنى جلسة أسبوعيا، مما جعله يغلق عيادته الاصلية، ويتفرغ لممارسة نشاطه عبر الانترنت.
علاج لا تسلية
خلال اللعب لا يقوم الدكتور ميك ـــ اسم الشخصية التي يلعب بها الدكتور ريان مع مرضاه ــ بتسلية مشاهديه ومتابعيه من المرضي فحسب، بل يقوم بأخذ الوقت الكافي لتعليم اللاعبين كل شيء عن الصحة العقلية، بطريقة تستلهم ما يدور في اللعبة، وتستخدمه كوسيلة للتواصل مع المرضي والمتابعين، وفي كل مرة يحدث فيها تطور عاطفي أو نفسي داخل لعبة ما ، يتوقف مؤقتًا ويشرحه للناس.
من واقع خبرته، يري الدكتور رايان أن لعبة الجولف ” EA Sports PGA” تعد اكثر لعبة يتحمس لممارستها مع متابعيه، ويرجع ذلك إلي أن الجولف هي لعبة اتخاذ القرارات ، وهي لعبة تلعب فيها حقًا فقط ضد نفسك، وتحدد مقدار اتخاذ القرار الذي يتعين عليك اتخاذه ، حيث يتعين عليك توجيه تركيزك عندما تحاول أن تفعل ما تفعله أمر لا يصدق وأعتقد أنه ربما يتجاوز أي رياضة أخرى يمكن التفكير فيها ضمن جلسات العلاج النفسي، إذ عليك أن تتخيل ثم تنشئ أي لقطة تحاول القيام بها.
نصيحة اخيرة
جلسات اللعب تستخدم فى علاج التوتر والقلق والتوحد والاكتئاب
وينصح الدكتور رايان المرضي واللاعبين قائلا: إذا لاحظت أن ممارسة لعبة ما يسبب ضائقة أكثر من تخفيفها ، فربما لا تكون فكرة جيدة أن تلعبها، وإذا لاحظت أن لعب لعبة ما يسمح لك بتجربة نوع من الراحة ، خاصة إذا كانت هذه الراحة طويلة المدى ، فعندئذ سأقول إنها لعبة جديرة بالاهتمام، والصعب بشأن الأشخاص الذين يعانون من القلق والذين يلعبون ألعاب الفيديو هو أنه إذا كنت تستخدم ألعاب الفيديو كآلية للتجنب ، فإنك تجعل القلق أسوأ على المدى الطويل. يغرق الناس في ألعاب الفيديو لأنهم إذا توقفوا ، فسيتعين عليهم مواجهة مشكلاتهم، وأخيرا يوضح إن الأمر لا يتعلق بالألعاب التي تلعبها ، بل يتعلق بالطريقة التي تؤثر بها ممارسة الألعاب على تجربتك مع نفسك والعواقب الكامنة لدور الألعاب فيها.