تكلفته عالميا مليار دولار: سر توقف خدمات فيس بوك وانستجرام وواتس اب 7 ساعات امس

فيس بوك
سبع ساعات توقفت خلالها خدمات فيس بوك وانستجرام وواتس آب كلفت العالم مليارا و129 مليون و959 الفا و864 دولار، وهو رقم مبدئي مرشح للزيادة، حيث وصلت البلاغات الخاصة بالعطل الي اكثر من 14 مليون بلاغ من مختلف انحاء العالم خلال الساعات الأولى فقط، فيما تراجعت اسهم فيس بوك بواقع 5,5% بعد التوقف، ما يعني أن مارك زوكربيرج مؤسس فيس بوك ورئيسه التنفيذي واكبر مالك للاسهم، خسر حوالي 7 مليارات دولار بسبب انخفاض الأسهم علي هذا النحو، فما هو السر فيما حدث.
تتبعت “سبعة أيام تقنية” تفاصيل ما جري، عبر مجموعة من أكبر وأدق مواقع التقنية العالمية وأكثرها مصداقية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، موقع منظمة “نيت بلوك“، العالمية المعنية بتتبع حالة الانترنت وتعرضها للتوقف في الوقت الفعلي، وموقع “داون ديتكتور” المتخصص في رصد واكتشاف حالات التوقف بمواقع الانترنت وخدماتها عالميا، وموقع ” داون فور افري وان” المتخصص في الخدمة ذاتها، فضلا عن أقسام أمن المعلومات بمواقع كبرى مثل شبكة “زد دي نتوسي نت“.
ملخص ما حدث
خلل تقني أعاق التواصل بين “بروتوكول الشبكة الداخلية” ونطاق أسماء فيس بوك
في ضوء ما هو متاح حتي الآن معلومات يتبين أن السر فيما حدث حتي الآن هو خلل تقني ناجم عن عمليات تهيئة داخلية  للبنية التحتية لفيس بوك وتطبيقاته، شابها التسرع وعدم الحرص، ونجم عنها تغييرا على ما يبدو في معلومات توجيه الشبكة الداخلية العملاقة لفيس بوك وتطبيقاته، وخلفت تأثيرا علي وضعية فيس بوك في “خوادم نطاقات الأسماء” التي تدير حركة المرور عبر الانترنت ككل وما بين المواقع المختلفة، وجاءت في إطار مشروع توحيد البنية التحتية الداخلية لتطبيقات فيس بوك المختلفة، وهي فيس بوك وانستجرام وواتس آب، لتعمل جميعا من خلال بنية مركزية موحدة، وهو مشروع عملاق ومعقد، وجاري العمل عليه منذ فترة طويلة، أما ما قيل خلال الساعات الأخيرة عن أن هاكر صيني عمره 13 عاما يدعي سن جي سو وراء الحدث فهو أمر لم يصدر بشأنه تأكيد من أي من الجهات ذات الثقة، أو من قبل فيس بوك نفسه.
تفاصيل ما حدث
معروف تاريخيا في عالم شبكات المعلومات أن اسرع مقولة تقال عند استكشاف أخطاء الشبكات وإصلاحها أن هناك خطا في “الدي إن إس”، او الحاسب الخادم الخاص بنطاقات الأسماء، وهي حالة يقصد بها حدوث خلل أو خطأ ما في نظام توزيع أسماء الحاسبات والأجهزة المرتبطة بالشبكة، والتي عادة ما تعمل علي حاسب خادم واحد، مخصص للقيام بمهام إدارة حركة المرور داخل الشبكة، وجعل جميع الأجهزة المرتبطة بها معرفة جيدا وبصورة صحيحة، وقادرة علي التراسل وتبادل البيانات فيما بينها.
لكن من كثرة استخدام هذه المقولة، وسرعة قولها، بات من المعتاد أن يستخف بها البعض ويتعامل معها كأمر سخيف، يعلق عليه أخطاء أخرى، يقترفها مهندسو وفنيو وإداريو الشبكات، وعلى غير المعتاد، فإن هذه المقولة الشائعة التي يمقتها الكثيرون، كانت هي السبب الرئيس والجذري بحسب وصف الكثير من المحللين،  في المشكلة التي تعرض لها فيس بوك وتطبيقاته الأخرى أمس.
يعود ذلك إلي أن البنية الهيكلية الأساسية للانترنت، تستخدم نظام نطاقات الأسماء أو “دي إن إس”، وهو نظام يجعل أي موقع أو نظام أو تطبيق أو حاسب مرتبط بالشبكة، قادر علي تبادل وتداول المعلومات مع غيره من المواقع والأجهزة الأخرى، بعبارة اخري تجعله مرئيا ونشطا وفاعلا وقيد العمل، ويمكن الوصول اليه، أو يمكنه هو الوصول الي أجهزة ومواقع الشبكة الأخرى، حيث يتم في هذا النظام تخصيص اسم نطاق فريد غير متكرر، لكل جهاز خادم يشغل أي موقع أو تطبيق عبر الشبكة حول العالم،  وتوجد سلسلة من الحاسبات الخادمة العملاقة التي يطلق عليها “الحاسبات الجذرية، تقوم بمهمة إدارة نظام نطاقات الأسماء، وتعرف بخوادم دي ان اس.
اختفاء موقع فيس بوك وتطبيقاته وشبكته الداخلية بالكامل من الإنترنت
وبالنسبة لفيس بوك وتطبيقاته، فإنه ـ كسائر المواقع والتطبيقات ـ مخصص له نطاقات أسماء ضمن نظام نطاقات الأسماء العالمي العامل عبر الانترنت، ولأن البنية التحتية المعلوماتية الداخلية الخاصة به ضخمة جدا ومعقدة للغاية، وربما تكون مترامية الأطراف، صمم مهندسو الشبكات ومراكز الاتصال في فيس بوك الشبكة، بحيث تعمل باعتبارها شبكة معلومات داخلية مستقلة،  تعمل من خلال شبكة معلومات مستقلة، وهذه الشبكة تترابط مع شبكة الانترنت العالمية، وأيضا نظام نطاقات الأسماء الخاص بها من خلال بروتوكول يطلق عليه ” بي جي بي”، أو بروتوكول البوابة الخارجية القياسي، المستخدم لإدارة تبادل البيانات والمعلومات وتوجيهها، بين الخوادم المتعددة التي تدير موقع فيس بوك وتطبيقاته الأخرى.
ويقوم فيس بوك منذ فترة بتنفيذ مشروع ضخم لتوحيد البني المعلوماتية التحتية لفيس بوك وانستجرام وواتس آب، ودمجها في بنية مركزية موحدة، ويتم القيام بإجراءات فنية معقدة في هذا المشروع، ويرجح العديد من المحللين أن هذه الإجراءات أدت إلي حدوث خلل أثر سلبيا علي بروتوكول البوابة الخارجية ” بي جي بي”، وجعله لا يعمل جيدا مع نظام نطاقات الأسماء العالمي الخاص بالإنترنت، وكان داني كنيش نائب رئيس شركة كلاود فلير المتخصصة في إدارة نطاقات الأسماء وأمن الانترنت أول من ابلغ عن وجود مشكلة في بروتوكول البوابة الخارجية الخاص بفيس بوك وتطبيقاته، كما قال كيفن بومونت الرئيس السابق لمركز عمليات أمن المعلومات في مايكروسوفت إنه في حال تعطل او اضطراب بروتوكول البوابة الخارجية، فإن الحاسب الخاص بنظام دي إن إس ينهار، وبالتالي يصبح الموقع المرتبط به وكأنه مختفيا من علي الإنترنت بالكامل، بل يتجاوز الأمر ذلك إلي أنه يتعذر أو يستحيل الوصول الي الشبكة الداخلية الخلفية من خارجها عبر الإنترنت، وهذا تقريبا ما حدث مع فيس بوك وتطبيقاته، حيث انهار نطاق الأسماء الخاص بها، وفقط اتصاله بكامل الشبكة الداخلية لفيس بوك، مما أسقط الموقع والخدمات علي مستوي العالم.
مشكلة أخرى
المشكلة تعوق الوصول للأجهزة لإصلاحها عن بعد أو عند دخول المباني
وقوع المشكلة بهذا الشكل تسبب في مشكلة أخرى، وهي إعاقة مهندسي فيس بوك العاملين من البعد عن الوصول الي الخوادم والشبكات الداخلية للشبكة ومحاولة إصلاحها، لأن العطل ادي لاختفاء الشبكة الخلفية بكاملها، وليس المواقع الأمنية فقط، من علي الانترنت، وترتب علي ذلك أن المهندسين الذين يعملون من البعد بسبب ظروف كورونا، اضطروا للذهاب الي مراكز البيانات الخاصة بفيس بوك في كاليفورنيا وغيرها، والعمل علي حل المشكلة يدويا ومن داخل مقار العمل نفسها، وظهرت تقارير تفيد بأن موظفي فيس بوك لم يتمكنوا من دخول مبانيهم لأن بطاقات الدخول والابواب الذكية تم تعطيلها أيضا، بسبب الفشل الذي أصاب الشبكة، وهو أمر ساهم في إعاقة دخول المهندسين للمباني، وخلال فترة الأزمة كان بعض الأشخاص الذين لديهم وصول مادي منفصلون عن الأشخاص الذين لديهم معرفة بكيفية المصادقة فعليًا على الأنظمة، والأشخاص الذين يعرفون ما يجب عليهم فعله بالفعل ، لذلك هناك الآن تحدي لوجستي يتعلق بتوحيد كل هذه المعرفة، ما أدى في النهاية لإطالة زمن الإصلاح.
مشكلات خارج فيس بوك
لم تتوقف آثار الأزمة عند حدود فيس بوك فقط، بل امتدت لتشمل مئات الآلاف حول العالم، ففيس بوك يدير واحدة من أكبر شبكات الإعلان في العالم، يستخدمها عدد لا يحصي من مواقع الويب وتطبيقات الهاتف المحمول، كما أن فيس بوك يوفر طريقة للمصادقة وتسجيل الدخول لملايين من مستخدمي تطبيقات الانترنت، وكل هذه الخدمات توقفت أو تأثرت بشدة لكونها تعتمد علي فيس بوك الذي بات خارج الخدمة ومختفيا من الانترنت.
ومن الناحية الاقتصادية ادي الانقطاع الي تراجع اسهم فيس بوك بنسبة 5,5%، بحسب تقرير لوكالة بلومبرج الاقتصادية، وهو تراجع ادي الي خسائر لمارك زوركيربرج مؤسس فيس بوك والرئيس التنفيذي بمقدار سبعة مليارات دولار، وقدر مقياس موقع مؤسسة “نيت بلوك” الخاص بخسائر انقطاعات الانترنت خسائر العالم خلال الساعات السبع بحوالي مليار و129 مليون دولار.