هاتف الحرية : احد ألاعيب يتامى ترامب … فلا تقترب منه

هاتف
بعد صدور قرار فيس بوك وتويتر بحظر حسابات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لديهما، ومنعه من التغريد ونشر المنشورات، أعلن أحد مؤيديه الأغنياء عن قيامه بإنتاج ما أطلق عليه ” هاتف الحرية”، وهو على حد زعمه هاتف ذكي غير مراقب علي الإطلاق، وخال تماما من أدوات وبرمجيات التتبع والرصد التي تنتهك خصوصية مستخدميه، ويتيح الوصول إلى كل ما تحظره وتمنعه شركات التقنية الكبرى من محتوي، سواء في صورة تطبيقات أو مواد مرئية أو نصية أو مصورة، وادعى أنه من فئة الهواتف عالية المواصفات، ولذلك فهو معروض للبيع عبر الحجز المسبق بالموقع الخاص به بالإنترنت مقابل 500 دولار، لكن المعلومات المتاحة عنه حتي الآن تشير إلى أنه غير واضح أو محدد المواصفات، ولم يصل لأي من الجهات المستقلة لفحصه واختبار مدى قدرته علي تحقيق ما يزعمه صاحبه من ادعاءات.
وراؤه مليونير غامض من مؤيدي ترامب لتحدي شركات التقنية الكبرى
ويمكن القول أن هذا الهاتف، حتي الآن على الأقل، ليس سوى أحد ألاعيب ممن يمكن أن نطلق عليهم “يتامى ترامب”، الذين وجدوا فيه ضالتهم التي تحقق لهم مصالحهم علي هذا النحو أو ذاك، ثم فقدوا فرصتهم وأصابهم الإحباط برحيله عن السلطة، ولم يثبت بعد أنه يعد في حد ذاته تقنية قادرة بالفعل على توفير خصوصية كاملة بعيدة عن الرصد والمراقبة، وحماية كاملة للبيانات الشخصية، وهي فرضية تستند إلي طبيعة البيانات المنشورة علي موقع الهاتف ، والنتائج التي انتهت إليها عشرات التحليلات التي تناولته بالفحص، ومن بينها تحليل استقصائي قام به خبراء موقع سي نت، وكذلك طبيعة الآراء والبيانات التي قالها المليونير الأمريكي إريك فينمان الذي يقف وراؤه، والتي لخصها في الفيديو التالي:

واستنادا للمعلومات الواردة بالمصادر السابقة جميعا يمكن تلخيص قصة هاتف الحرية كالتالي:
المالك وجهة الإنتاج
يملك هاتف الحرية أريك فينمان، وهو مليونير أمريكية نشأ في ولاية أيداهو، وفي عام 2013 عندما كان في الرابعة عشرة من عمره، زُعم أنه اشترى 100 بيتكوين  مقابل 1000 دولار أمريكي، وبعد ذلك بلغت قيمتها أكثر من مليون دولار عندما كان في العشرين من عمره، وفي عام 2017، أسس شركة بوتانجل التعليمية، وفي 2019 استثمر في شركة للعملات المشفرة تسمي ” ميتال باي” لتكون منافسة لعملة فيس بوك المشفرة “ليبرا” التي تسمي الآن دايم.
أما جهة الإنتاج فهي شركة صينية تسمي يوميديجي، ومقرها مدينة شينزن الصينية، وطبقا لما أورده ماثيو هيكي الخبير في الأمن السيبراني فإن هاتف الحرية ليس سوي هاتف صيني يسمي يوميديجي أيه 9 برو، يباع مقابل 119 دولارا فقط، ويمكن ان يباع تحت علامات تجارية مخصصة،  وهو ما أشار إليه فينمان في تغريده له علي تويتر قائلا: لقد صممنا هذا بين مختبر التصميم الخاص بي وشريكنا في هونغ كونغ لصنع هاتف مخصص”.
طبيعة الهاتف
يفترض أنه هاتف جديد، يعد بحماية خصوصيتك والسماح بحرية التعبير دون رقابة عبر الجهاز، وبحسب ادعاءات فينمان فهو يقوم بكل ما يفعله هاتفك الحالي باستثناء فرض الرقابة عليك أو التجسس عليك، ويمكن مقارنته بأفضل الهواتف الذكية في السوق. و المواصفات الهاتف الحرية ليست قابلة للمقارنة لمواصفات من أفضل الهواتف.
يتبنى شعار حرية التعبير وحماية الخصوصية ونشر ما تحظره الشركات
لكن التحليلات المستقلة تشير إلي أنه في أحسن الأحوال، يمكن مقارنته مع الهواتف التي تقع في نطاق السعري البالغ 200 دولار، مثل هواتف موتورولا طراز ” موتو جي بلاي” و”موتو جي باور”، وكلاهما يحتوي على بطارية سعة 5000 مللي أمبير في الساعة، لكن حجم بطارية هاتف الحرية غير معروف، كما أنه من غير المعروف ما إذا كان الهاتف يعمل بالفعل، فخلال فيديو الإطلاق المعروض هنا يظل الهاتف مغلقًا طوال الوقت، مما  قد يشير ذلك إلى أن البرنامج غير جاهز للعرض، ففي أي وقت يقدم فيه بائع أجهزة الهاتف مزاعم حول ميزات الهاتف، يقع على عاتق الشركة إثبات وشرح كيفية عمل هذه الميزات.
ويقدم موقع هاتف الحرية وتشغيل الفيديو ومنشورات فينمان على تويتر بعض التفاصيل حول الهاتف أو كيفية عمل وسائل الحماية الخاصة به، والتفاصيل الفنية التي تمت مشاركتها لا تتطابق مع مطالبات فينمان، مما يزيد الشكوك في أن الشركة ستكون قادرة على تلبية هذه الطلبات بالإضافة إلى مطالبات الخصوصية النبيلة.
قرار الشراء
 الهاتف الآن معروض للحجز المسبق بحوالي 500 دولالا، وهو نفس سعر سامسونج جالكسي أية 52 ـ 5 جي، وجوجل بيكسل 4 أيه ـ 5 جي، واي فون إكس آر، لكن الهاتف نفسه ليسا متاحا للاختبار من قبل جهات مستقلة حتي الآن ما يعني أنه يفضل الانتظار حتي تصل وحدات منه ويتم اختبارها، والانتظار مطلوب حتي بفرض صحة وسلامة كل المقولات التي يروجها فينمان بشأنه.
المواصفات
مطروح مقابل 500 دولار بالحجز المسبق ومواصفاته غير معروفة
يحتوي الهاتف على شاشة مقاس 6 بوصات، وفي الفيديو الترويجي تُظهر الصور درج بطاقة “سيم” المزدوجة، مع مكان للتخزين القابل للتوسيع، وكاميرا ادعي فينمان الفيديو أنها “كاميرا رائعة”، “يمكن مقارنتها بأفضل الهواتف الذكية في السوق” و “معالج فائق السرعة”، كما أنه يأتي مع جراب وواقي شاشة وشحن سريع 10 وات، ومقياس حرارة رقمي بالأشعة تحت الحمراء، مفتاح اختصار للأجهزة قابل للتخصيص، وشحن سريع 10 والكن المواصفات التي نشرت بعد ذلك تشير الي شيء مختلف، فليس هناك معلومات محددة عن المعالج، وتوجد ثلاث كاميرات خلفية، ولكن بصرف النظر عن دقة المستشعرات، فإن المعلومات المتعلقة بالكاميرات غائبة، مثل ما إذا كانت إحداها واسعة النطاق أو مستشعر عمق، ولا يوجد أيضًا أي ذكر للأمان البيومتري مثل قارئ بصمات الأصابع لفتح الهاتف أو للتسوق عبر الإنترنت.
هل هو آمن فعلا
يقول فينمان إن الهاتف لن يتتبع تطبيقاتك أو ضغطاتك على المفاتيح أو موقعك، لكنه لم يشرح فينمان كيف يعمل الهاتف، أو كيف يحمي خصوصيتك أو حرية التعبير، واكتفي بالقول “باستخدام أدوات قوية مثل خاصية الثقة، يمكنك التحكم في ما يمكن أن تفعله تطبيقاتك وقتما تشاء. ستساعدك الثقة على فهم أمان جهازك وتحذيرك بشأن التهديدات المحتملة.”
لم يسمع احد عن خاصية الثقة داخل الهواتف، وربما يكون شيء طوره فريق فينمان، لكن لا توجد أي تفاصيل حول كيفية عملها أو من أين أتت، وليس من الواضح ما هو نظام التشغيل الذي يعمل به هاتف الحرية، هل هو اندرويد أم أي أو إس ، أم نظام جديد تماما باعتبار ان فكرة الهاتف بالأساس هي مقاومة شركات التقنية الكبرى ومن بينها جوجل التي تنتج اندرويد.
عدم الخضوع للرقابة
لا تزال فكرة عدم الخضوع للرقابة غامضة، فموقع الويب الخاص بالهاتف يقول أن هاتف الحرية له متجر تطبيقات خاص به هو ” باتري آب”، غير الخاضع للرقابة، ويعرض التطبيقات المحظورة من قبل متجر جوجل بلاي، وآب ستور، لكنه لم يحدد السياسات أو القواعد التي يتبعها المتجر في الحماية من المحتوي المتعلق بالنشاط الإجرامي غير المشروع أو الكلام الذي يحض علي الكراهية والعنف، أو المواد الرسومية والجنسية أو الاعتداء على الأطفال.
وفي مسألة عدم الخضوع للرقابة، لا يوضح الموقع أيضا كيف سيتعامل الهاتف مع التفاصيل الفنية مثل تتبع العناوين الرقمية أو ملفات تعريف الارتباط الخاصة بموقع الويب أو أدوات التتبع التقليدية الأخرى المستخدمة على الهواتف والأجهزة الإلكترونية الأخرى، ولا كيف يحمي المستخدم من الرصد والتتبع الذي تقوم به شركات الاتصالات المحمولة نفسها.
الإتاحة
على الرغم من كل هذا الغموض، وعدم الاستعداد من الناحية الفنية والتقنية، إلا أن الموقع يقول ان الهاتف جاهز ومتاح للحجز، ووحداته ستصل قبل نهاية أغسطس الحالي، والشراء من الموقع فقط، وكل توصيات الخبراء تؤكد بوضوح علي ضرورة عدم المخاطرة والحجز عبر الموقع.
التطبيقات
يعرض الموقع أيقونات وشعارات العديد من التطبيقات التي يزعم انه جاهز للعمل معها ومنها تطبيق بارلير ونيوز ماكس، ومتصفح الويب دك دك جو، وتطبيق تليجرام، وبعض تطبيقات المواعدة وألعاب الفيديو لكن من غير الواضح ما إذا كان سيستطيع استخدام أدوات الإنتاجية مثل حزمة برمجيات مايكروسوفت اوفيس أو تطبيقات الوسائط الاجتماعية مثل تيك توك وسناب شات، علي أساس أنه لن يتعامل مع فيس بوك وتويتر.