أوروبا تحارب الصيد الجائر للأسماك بمعدات “صيد ذكية” تكلف 7.6 مليار دولار

الصيد
ما يقرب من 75 الف أوروبي يعملون في مهنة صيد الأسماك، بدأوا فعليا الدخول في ممارسة مهنتهم بأدوات صيد ذكية، مزودة بتقنيات رقمية عديدة، منها الكاميرات الرقمية القادرة علي التصوير في ظروف الإضاءة المنخفضة وعبر الماء، وأدوات انترنت الأشياء، وأدوات معالجة البيانات، وتعلم الآلة والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة والهواتف الذكية والحاسبات اللوحية، وأدوات الإضاءة العاملة بتقنية الليد، والصوتيات، والماسحات الضوئية المقطعية ثلاثية الابعاد، وغيرها الكثير من الأدوات التي ستنتشر على متن مراكب وقوارب الصيد، وفي شباك الصيد، وحاويات وأوعية تداول الأسماك بعد صيدها، واثناء بيعها وتوريدها، وغيرها من مهمات الصيد الأخرى، والهدف من ذلك مكافحة أنشطة الصيد الجائر، والحفاظ علي الثروة السمكية بالبحار والمحيطات في أوضاع آمنة تسمح بالتجدد، والتأكد من امتثال الصيادين لقوانين وقواعد الصيد السارية بالاتحاد الأوروبي.
بداية مبكرة
بناء الصيد الذكي بالهواتف والحاسبات وتعلم الآلة والبيانات الضخمة
بدأت جهود التحول إلى معدات الصيد الذكي داخل أوروبا في العام 2017، حينما وافق الاتحاد الأوروبي علي تنفيذ مشروع يحمل اسم “الصيد الذكي Smartfish H2020” ورصد له ميزانية قدرها 7.6 مليار دولار، وفي إطار هذا المشروع تم تكوين تحالف متعدد التخصصات من مطوري التكنولوجيا وموردي الأدوات وشركات الصيد ومعاهد البحوث وإدارة مصايد الأسماك والجامعات من ستة بلدان في جميع أنحاء أوروبا، واستهدف تطوير سلسلة من النظم المعتمدة علي تقنية المعلومات والاتصالات والالكترونيات، لتحسين كفاءة الموارد، وتحسين جمع البيانات تلقائيًا وتقديم دليل على الامتثال لأنظمة المصايد وتقليل التأثير البيئي للقطاع على البيئة البحرية، ويعرض الفيديو التالي تفاصيل إضافية حول المشروع.

بحسب التفاصيل الخاصة بالمشروع والمنشورة علي موقعه، فإن الباحثين وشركاء الصناعة سيستغلون الابتكارات التكنولوجية الحالية في الرؤية الآلية، وتكنولوجيا الكاميرا، ومعالجة البيانات، والتعلم الآلي، والذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، والهواتف الذكية و الأجهزة اللوحية، وغيرها، من أجل بناء أنظمة مبتكرة رائدة يمكنها في الواقع إحداث ثورة في هذا القطاع من حيث مراقبة العمليات وتحليلها وتحسينها في جميع جوانب قطاع الصيد الأوروبي.
8 أنظمة للصيد الذكى
تضم الأنظمة التي تم أو جاري تطويرها في نطاق هذا المشروع نظام “سينبريكوج” وهو نظام الكتروني يعمل علي مدار اللحظة، ويتم تركيب وحداته الطرفية علي قوارب ومراكب الصيد، وموانئ استقبال الأسماك، ومهمته التحديد اللحظي لحجم ما يتم اصطياده من اسماك، أو التعرف علي الحجم المسبق المستهدف من خلال البيانات الخاصة بقوارب ومراكب الصيد، ويستخدم في هذا النظام شباك الصيد الكيسية المحمية المزودة بتقنيات بصرية وصوتية تعمل تحت الماء، لبث المعلومات أولا بأول.
8 أنظمة لحظية للرصد والتحليل ومعرفة عدد الأسماك وهى بشباك الصيد
وهناك نظام مكتشف الأسماك ” فيش فايندر”، وهو يستخدم المستشعرات الالكترونية وأدوات انترنت الأشياء والنقل اللاسلكي للبيانات، للقيام بأعمال مراقبة لحظية في الوقت الحقيقي لاكتشاف الكائنات الحية بالمحيطات والبحار، وخاصة الكائنات التي لا يمكن اكتشافها باستخدام التقنيات التقليدية للبحث عن الأسماك مثل أجهزة قياس الصدي والسونار.
 وثالث نظام هو “مراقب الصيد” الذي يعمل بشكل لحظي أيضا، وقادر علي توفير بيانات ومعلومات مفصلة عن أنواع واحجام الأسماك واعداد الأسماك التي تدخل في شباك الجر في قوارب ومراكب الصيد، ونقلها لحظيا الي قواعد البيانات المركزية الخاصة بالمشروع.
والنظام الرابع هو “نيفرو بي اس سكان”، وهو متخصص في الكشف التلقائي اللحظي للجحور والمكامن التي تعيش بها الأسماك من مختلف الأنواع، وعد الجحور وتحديد مواقعها بدقة عبر نظام تحديد المواقع العالمي، ونقل البيانات الخاصة بها لحظيا أيضا.
والنظام الخامس هو “شباك الصيد الذكية” التي تعمل بتقنية “إل إي دي” كنظام للإضاءة، لتحسين أداء الصيد بشباك الجر، وجعل الصيد يتم بناء علي تفاعل الأسماك مع الضوء، فهي تصدر أصواتا وتستخدم مصابيح الليد بألوان مختلفة وكثافة، لجذب الأنواع المستهدفة فقط إلى الشبكة، مما يشجع الأسماك الأخرى على السباحة بعيدًا.
شباك متطورة تجعل الصيد يتم بالتفاعل بين الأسماك والضوء
والنظام السادس هو نظام ” كاتش سكانر”، وهو عبارة عن نظام رؤية آلي ثلاثي الابعاد، ينتج صورة ملونة ثلاثية الأبعاد للأسماك، ويتم تحليلها باستخدام الذكاء الاصطناعي لتقدير الوزن وتحديد الأنواع، ويقوم بمسح وتحليل الأسماك التي تم اصطيادها، وهي تمر علي سيور ناقلة، سواء عند تثبيته علي متن قارب أو مركب الصيد أو في موانئ الصيد، والسابع نظام “كاتش سناب”، وهو عبارة عن وحدة رؤية آلية ثلاثية الابعاد متعددة الاستخدامات مخصص لفحص عينات الصيد علي سفن الصيد الصغيرة، والثامن نظام “كاتش مونيتور” ومخصص للرصد والتحليل الآلي باستخدام كاميرات الدوائر التليفزيونية المغلقة ويعمل داخل الموانئ بالأساس، كوسيلة للتثبت من الالتزام بقواعد الصيد، وأخيرا البنية التحتية الخاصة بالبيانات، وتضم سلسلة كبيرة من الأجهزة والبرمجيات، التي تتلقي البيانات من النظم السابقة جميعها، وتحليلها وعرضها علي جهات مراقبة وإدارة عمليات الصيد بدول الاتحاد الأوروبي المختلفة.
الصيد الجائر يهدد ثلث اسماك العالم
ومن العوامل التي دفعت أوروبا لتبني هذا المشروع أن الصيد الجائر اتسع بدرجة باتت تهدد باستنزاف الثروة السمكية بالمحيطات والبحار، بشكل أسرع من قدرة النظام البيئي البحري علي تجديد وتعويض المخزون من الأسماك، حيث تم تصنيف أكثر من ثلث الأرصدة السمكية العالمية على أنها عرضة لخطر الصيد الجائر في عام 2017، بينما تتخذ المشكلة ابعادا أكثر حدة في البلدان النامية.
وتعليقا علي أنشطة المشروع قالت فيفيان لونيلا، المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية للشؤون البحرية ومصايد الأسماك إن الفكرة من وراء المشروع هي رقمنة نشاط الصيد بالكامل على طول سلسلة التوريد، والأنظمة الجاري تطويرها في المشروع يمكن أن تساعد في ذلك الي حد بعيد، فهناك حاجة إلى تقنيات ذكية ونستفيد من إمكانات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لمكافحة الصيد الجائر، وأيضا تطوير مهنة الصيد نفسها داخل الاتحاد الأوروبي.