حذرت دراسة جديدة من أن نظام “كوبيرنيتيس” المستخدم على نطاق واسع في الآلاف من المؤسسات والشركات حول العالم كوسيلة لنشر وتشغيل البرمجيات بطريقة آلية تلقائية، لا يضمن للمؤسسات تجاوز الكوارث والحوادث المفاجئة التي تؤثر سلبا على البنية التحتية المعلوماتية، كما لا يضمن للمؤسسات حلا فعالا لاستعادة البيانات والتعافي من الكوارث بعد حدوثها، وأنه يتعين على الشركات والمؤسسات أن تتنبه إلى ذلك عند نشر واستخدام هذا النظام على نطاق واسع داخل أعمالها، وتتخذ الخطوات اللازمة لتجنب آثاره من البداية.
صدرت هذه الدراسة الاثنين 12 يوليو الجاري عن مؤسسة فورستر الاستشارية البحثية الدولية، وأعدها لي سوستار، المحلل الرئيسي بالمؤسسة، وكتب ملخصا لها نشر بالمدونة الرسمية لفورستر.
في البداية تجدر الإشارة إلي أن نظام ” كوبيرنيتيس” يعد حاليا من أوسع الأنظمة التقنية انتشارا داخل المؤسسات والشركات، خاصة من المتوسطة والكبيرة، وهو عبارة عن نظام برمجي مفتوح المصدر يستخدم في ميكنة عمليات نشر التطبيقات العاملة داخل المؤسسة أو الشركة، وتوسيع نطاقها وإدارتها وصيانتها وتحسينها وتطويرها، أي جعل هذه العمليات تتم بصورة آلية تلقائية، مما يسهل من عمليات إدارة البنية المعلوماتية في جانب البرامج والتطبيقات بصورة هائلة، ويقلل تكاليفها واخطائها، وقد تم تأسيسه على يد مجموعة من مهندسي البرمجة هم جو بيدا وبريندان بيرنز وكريج ماكلوكي، الذين انضموا بسرعة إلى مهندسين آخرين في جوجل بينهم بريان جرانت وتيم هوكين، وتم طرحه رسميا لأول مرة من قبل جوجل في منتصف عام 2014، وبات موجودا بالأسواق رسميا منذ 2015.
وكوبيرنيتيس يعمل مع مجموعة من الأدوات والبرمجيات التي يتم تطويرها بمفهوم حاويات البرامج، ومن أشهرها أداة “دوكر”، وبدوره يعمل مفهوم حاويات البرامج بالمعني نفسه الذي تحمله كلمة “حاوية”، فالمعروف أن الحاوية هي أي وعاء يوضع بداخله شيء من أجل الحفظ أو التعبئة والشحن والنقل”، ليجعل الأشياء المحفوظة به سليمة وقابلة للاستخدام في أي وقت.
|
كذلك الحال بالنسبة للحاوية البرمجية، فهي وعاء بداخله وحدة قياسية تتضمن كل ما يلزم لتشغيل تطبيق، كالتعليمات البرمجية والأكواد ووقت التشغيل وأدوات النظام ومكتبات النظام والإعدادات والثنائيات الأخرى وملفات التكوين اللازمة لتشغيلها وغيرها، وتعد هذه الحاوية بطريقة تجعل البرنامج أو التطبيق يعمل فورا وبسرعة وموثوقية عند نقله داخل الحاوية من بيئة حوسبة إلى أخرى دون أي تعقيدات أو جهد، لكون الحاوية تجعل منه وحدة قياسية قابلة للاستخدام الفوري في بيئات مختلفة.
بعبارة أخرى تقوم الحاويات بعزل البرامج عن محيطها وتساعد في تقليل التعارضات بين فرق تكنولوجيا المعلومات التي تقوم بتشغيل برامج مختلفة على نفس البنية التحتية. تعتبر الحاويات حلاً لمشكلة تشغيل البرامج بشكل موثوق عند نقلها من بيئة حوسبة إلى أخرى. سواء أكان نقل تطبيق من حاسب محمول مطور إلى بيئة اختبار ، أو من بيئة مرحلية إلى إنتاج ، أو من آلة فعلية إلى جهاز افتراضي ، أو من نظام أساسي سحابي إلى آخر ، لتفادى المشكلات عندما تكون بيئة البرامج الداعمة غير متطابقة. قد تؤدي الاختلافات في طوبولوجيا الشبكة وسياسات الأمان والتخزين وعوامل أخرى إلى منع أحد التطبيقات من العمل.
حساسية عالية
يعمل كوبيرنيتيس كمنسق أو نظام لإدارة كل العمليات الخاصة بالحاويات البرمجية، بدءا من تركيبها ونشرها وانتهاء بتشغيلها وصيانتها وتحسينها، وجعل هذه العمليات تتم بصورة آلية تلقائية، ومن هنا يرى الخبراء أن كوبيرنيتيس يعد من المكونات ذات الحساسية العالية في التعامل مع حالات الكوارث والأزمات المفاجئة والطارئة، ويتعين أن يكون دوره إيجابيا وفاعلا في جعل المؤسسة تتجاوز الازمة أصلا وتتعامل معها، او في التعافي من نتائجها واستعادة الأوضاع لما كانت عليه فيما لوقعت الازمة أو الكارثة، وحول هذه النقطة تحديدا تركز البحث الذي قامت به مؤسسة فورستر، وانتهت من خلاله إلي أن كوبيرنيتيس لا يضمن للمؤسسة تجاوز الأزمة الطارئة والكارثة، ولا يضمن لها التعافي من آثارها.
وفي هذا الصدد يقول لي سوستار إن العديد من موفري النظم والحلول التقنية، سواء التي يتم تركيبها داخل مقار المؤسسات والشركات، أو تقديمها من خلال الخدمات السحابية، يقدمون حاليا الكثير من المنصات البرمجية كخدمة “باس”، والبنية التحتية كخدمة “اياس”، وجميعها يستند بالأساس إلي كوبيرنيتيس كحل أو نظام يدير هذه الخدمات، ويكون العصب الأساسي لاستمرارها قيد التشغيل، وبالتالي فإنه بمجرد دخول كوبيرنيتيس في البيئة الإنتاجية للشركة، تصبح قضية تجاوز الازمات والتعافي من آثار الكوارث أمورا مثيرة للاهتمام، وتستحق التوقف عندها.
النسخ الاحتياطي
|
يسوق لي سوستار في هذا السياق مثالا يوضح أهمية هذا التحذير، فيقول إن كوبيرنيتيس شق طريقة إلي التطبيقات التي تحفظ البيانات على وحدات التخزين او استرجاعها منها، وأصبح مسئولا عن إدارتها آليا، وبالتالي بات من المتعين على قادة البنية التحتية والعمليات بالشركة معرفة ما إذا كانت التطبيقات التي تعمل على تلك البنية التحتية السحابية الأصلية يمكنها تلبية متطلبات تجاوز الكوارث والتعافي منها أم لا، والبحث الذي تم يثبت أن الإجابة ستكون لا في كثير من الأحيان، وبالتالي يصبح من الخطر العمل على منصة يديرها نظام لا يؤمن بطريقة جادة النسخ الاحتياطي وطرق التعافي والاسترداد.
وأضاف لي أنه في العامين الماضيين تم تطوير كوبيرنيتيس لتوفير تخزين على مستوى المؤسسات مع العديد من أدوات وبرمجيات التخزين، ولكن لا يزال الأمر متروكًا للمستخدم إلى حد كبير لمعرفة كيفية جعل كل شيء يعمل – من التخزين الأساسي إلى نظام كامل للتعافي من الكوارث، ويقوم المستخدم بهذه المهمة إما بمفرده أو من خلال دعم من بائعين مختلفين، ومن الجدير بالذكر هنا أن إصدارات كوبيرنيتيس المعتمدة لا تدعي أن لديها إمكانات مضمنة لاستعادة البيانات بعد الكوارث ، باستثناء إصدار واحد فقط هو “كوبلر Kublr”.
خيبة امل في الكبار
|
