خوارزمية “المدرك” أول خطوة نحو آلة ذكاء اصطناعي تعالج أي شيء وكل شيء

تطور يفتح الطريق نحو نماذج ذكاء اصطناعي، تتعامل مع بيانات مختلفة، ولكن تعزز بعضها البعض وتستفيد من بعضها البعض، لكي تقوم بمهام متنوعة لا حدود لها، كما أنه يعمل علي اختصار الزمن اللازم لتطوير نظم ذكاء اصطناعي شاملة اكثر تطورا، يمكن لواحد منها فقط ان يدير قطاعا او مجال من مجالات النشاط البشرى بأكمله، بدلا من بناء خوارزمية لكل مهمة.

ذكاء
منذ ظهوره وحتى الآن، ظلت خوارزميات الذكاء الاصطناعي تعمل بصورة تخصصية رأسية، أي يتم بناؤها لتعمل كآلات او أدوات ذكية، تنفذ وظائف متخصصة بعينها في هذا المجال أو ذاك، لكن خوارزمية “المدرك Perceiver” التي جرى الإعلان عنها قبل أيام، تعتبر الخطوة الأولى نحو أول آلة ذكاء اصطناعي تخرق هذه القاعدة وتعمل بصورة أفقية لا تخصصية، أي تستطيع القيام بأي مهمة ومعالجة أي شيء وكل شيء، وفضلا عن ذلك التعلم بشكل أسرع، من بيانات اقل.
جاءت تفاصيل هذا التحول الكبير في مسيرة الذكاء الاصطناعي في بحث نشره فريق مكون من ستة أساتذة الذكاء الاصطناعي، هم أندرو جايجل ، فيليكس جيمينو ، أندرو بروك ، أندرو زيسيرمان ، أوريول فينيلز ، جواو كاريرا، علي قسم علوم الحاسب والرؤية بالحاسب والتعرف على الأنماط بموقع منظمة “آركيف” البحثية المدعومة من جامعة كورنيل والعديد من المؤسسات العلمية الأخرى، ومن المقرر أن تناقش خلال المؤتمر الدولي لتعلم الآلة، الذي سيعقد كحدث افتراضي عبر الانترنت في الثامن عشر من الشهر الجاري، ويعمل معظم هؤلاء العلماء بمركز بحوث “العقل العميق DeepMind ” التابع لشركة جوجل ببريطانيا، ومتخصص في علوم الذكاء الاصطناعي، ويمكن مطالعة الورقة الكاملة لهذا البحث من هنا.
تتويج جهود سابقة
وقال الباحثون أن تطوير خوارزمية “المدرك” جاء تتويجا لجهود عديدة سابقة علي الدرب نفسه، ومهدت الطريق نحو الوصول الي هذه الخطوة، وبشكل خاص الاستفادة من التطور الذي حققه علماء الذكاء الاصطناعي في جوجل عام 2017 حينما قاموا ببناء نموذج أو خوارزمية “المحول” التي سمحت بالكثير من التطبيقات منذ ذلك الوقت، خاصة في فهم وتوليد النصوص بطريقة تتشابه وتتساوى في الكفاءة مع يقوم به البشر.
وبحسب ما قاله جيف دين رئيس الذكاء الاصطناعي في جوجل فإن خوارزمية “المدرك” تعمل علي تطوير خوارزمية “المحول” لتعمل فيما وراء النص، أو إحداث ثورة في تعامل الذكاء الاصطناعي مع المواد الأخرى، بما في ذلك الصور والأصوات والفيديو والبيانات المكانية من النوع الذي تسجله السيارة باستخدام تنقية الليدار، مما يجعل خوارزمية المدرك محطة أو خطوة أولي نحو بناء “النموذج السوبر” أو الخوارزمية السوبر، التي بإمكانها القيام بعدد كبير من المهام، وتتعلم بشكل أسرع وبيانات أقل.
تحدي الفرضيات القائمة
 وأضاف أن خوارزمية “المدرك” تتحدى الفرضية القائمة منذ عقود، والقائلة بأن أنواعًا مختلفة من البيانات ، مثل الصوت أو الصورة ، تحتاج إلى بناء شبكات عصبية وخوارزميات ذكاء اصطناعي مختلفة، وتسعى إلي تحقيق نهج أوسع شمولا، يقوم علي إمكانية بناء وتدريب نموذج ذكاء صناعي واحد، يمكنه أداء الآلاف أو الملايين من المهام، وهو تحد كبير وحقيقي في مجال الذكاء الاصطناعي وهندسة أنظمة الحاسب.
ومضي جيف دين إلي القول بأن نوعا واحدا من النموذج السوبر أو الفائق، سوف يتشكل عبر سنين من العمل على الشبكات العصبية التي تجمع بين “الأساليب” والأنواع المختلفة من المدخلات مثل النص والصورة  والصوت والفيديو والبيانات المرتبطة بالمكان، ليشكل مزيجا متعدد المهام ، ومتعدد الوسائط ، حيث تتعلم نوعًا من التمثيلات المفيدة للعديد من الأشياء المختلفة ، وتتعلم بشكل مشترك تمثيلات جيدة. تساعدك على أن تكون قادرًا على حل المهام الجديدة بسرعة أكبر ، وببيانات أقل ، وأمثلة أقل لمهمتك ، لأنك تستفيد بالفعل من كل الأشياء التي تعرفها بالفعل عن العالم.
تحول مفصلي
وفي تقرير نشره موقع زد دي نت وصف محللون هذه الخطوة بانها تحول مفصلي مهم في مسيرة الذكاء الاصطناعي، لأنه يفتح الطريق نحو نماذج ذكاء اصطناعي، تتعامل مع بيانات مختلفة، ولكن تعزز بعضها البعض وتستفيد من بعضها البعض، لكي تقوم بمهام متنوعة لا حدود لها، ولان خوارزمية المدرك تقوم على مفهوم التعلم من بيانات أقل في وقت أقل، فإنها ستعمل علي اختصار الزمن اللازم لتطوير نظم ذكاء اصطناعي شاملة اكثر تطورا، يمكن لواحد منها فقط ان يدير قطاعا او مجال من مجالات النشاط البشرى بأكمله، بدلا من بناء خوارزمية لكل وظيفة أو مهمة.