نسيج الأتمتة… نهج جديد يقود الشركات نحو تحول رقمي ناجح يتجاوز العقبات

تحول رقمي
انترنت الأشياء، تعلم الآلة، الذكاء الاصطناعي، الجيل الخامس، نظم إدارة المؤسسات، تحليل البيانات الضخمة، التعلم العميق، هذه وغيرها من عشرات التقنيات ومئات الأدوات والتطبيقات، باتت أشياء مربكة للمؤسسات والشركات، وهي تحاول مجابهة ما يعترضها من تحديات ومشكلات ضاغطة، فهي لا تستطيع بسهولة ما الذي تأخذ به وما الذي تتركه، وما الذي تبدأ به وما الذي تؤجل استخدامه والاستثمار فيه لوقت لاحق، وحلا لهذا التشابك والتعقيد ظهر في الآونة الأخيرة مفهوم يطلق عليه “نسيج الاتمتة”، أو اعتبار عمليات التحول الرقمي والأتمتة داخل المؤسسات مثل نسيج القماش، الذي تتداخل فيه الألوان والخامات من كل صنف ولون، لتصنع في النهاية نسيجا له شخصية واحدة، ومواصفات متناغمة يكمل بعضها البعض، لتقوم في النهاية بمهمة واحدة، وهكذا بات مطلوبا من الشركة أو المؤسسة أن تتوفر لديها رؤية، قادرة على غزل أو نسج جملة من التقنيات معا، لتحقق بها رؤية واسعة، بها اهداف متعددة.
مطلوب بشدة في ظل التنوع الواسع للتقنيات وتعدد مهامها وتخصصاتها
ناقش تقرير جديد صادر عن مؤسسة فورستر للأبحاث مفهوم “نسيج الاتمتة” أو “نسيج التقنيات” إن جاز التعبير، ومتطلباته ولماذا بات من الضروريات المطلوب النظر إليها في الوقت الحالي، وكيف اصبح المكان أو الفضاء الذي تنفذ فيه عمليات التحول الرقمي بنجاح مع تجاوز التعقيدات والتحديات، ويصف التقرير كيف يمكن لهذا المفهوم أن يحقق التقارب أو التمازج بين مجموعة تقنيات الاتمتة والمكينة السائدة حاليا مثل إدارة موارد المؤسسات “إي آر بي”، والتشغيل الروبوتي للعمليات “آر بي أية”، والأدوات منخفضة الكود البرمجي، وروبوتات المحادثة، والتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، لتشكل معا طبقة متجانسة فوق طبقة البنية التحتية و النظم والتطبيقات داخل المؤسسة.
نسيج جديد للأعمال الرقمية
يحمل التقرير شعار ” نسيج جديد للأعمال الرقمية”، ويقول مؤلفوه انهم يعنون كلمة ” نسيج” بمعناها الحرفي والاصطلاحي، ولكن ليس في عالم الأقمشة والملابس، وإنما في عالم التقنية، الذى بات واسع التنوع والتغيير والتبديل والاختلاف، ما بين تقنية وأخرى، وأداة وأخرى، وجهاز وآخر، وشبكة وأخرى، ونظام وآخر وتطبيق وآخر، ولم يعد من سبيل لإدارة كل هذا التنوع الواسع إلا بوضع رؤية واسعة رحبة مرنة، تعمل كفكرة قماش قابل للنسج من خيوط عدة بمواصفات عدة، وألوان عدة وأشكال عدة، ويرى التقرير أن مثل هذا الأمر بات مدفوعا بالعديد من العوامل، في مقدمتها أن التطوير التقني بالمؤسسات والشركات، لم يعد مقصورا على محترفي تطوير التطبيقات والنظم وتشغيل التقنيات والأجهزة من المحترفين ذوي المهارات المتخصصة، فاليوم مع الأدوات والتطبيقات ذات الأكواد البرمجية المنخفضة المستوي، وبناة أتمتة العمليات الروبوتية، أصبح بمقدور المستخدمين والعاملين العاديين من غير المبرمجين والمتخصصين المهرة، انشاء دورات عمل مخصصة، ووظائف مخصصة، ونظم كاملة تدير مهام متنوعة.
التعريف الدقيق
تطبيق التقنيات داخل “صوامع مجزأة” يقود التحول الرقمي للفشل
تُعرِّف شركة فورستر نسيج الأتمتة على أنه نظام لأتمتة الأعمال بالكامل تدمج العديد من تقنيات المتجاورة والمتكاملة، وبنى العمليات، والسلوكيات التنظيمية ونماذج الابتكار المشترك في كيان واحد ، لدعم أهداف التطوير التقني والتحول الرقمى، التي تركز على الإنسان والمؤسسة المستقلة، وهو نسيج يعمل فوق طبقة التطبيقات، ويجمع بين العاملين الرقميين ووكلاء الذكاء الاصطناعي مثل روبوتات المحادثة مع تنسيق قائم على الأحداث ومتمحور حول التكامل، وهو ليس منتجا متاحا في السوق، ولكنه رؤي وأفكار وهندسة عمليات وبرامج عمل، تجمع بين التقنيات وتفاصيل الأعمال الجارية، لخدمة أهداف التحول والتطوير بمرونة وسرعة وكفاءة.
معضلات الاتمتة التكتيكية
ينطلق مفهوم ” نسيج الاتمتة” من أن ما يطلق عليه ” التطوير التقني التكتيكي” أو الاتمتة التكتيكية، القائمة على تطوير أعمال الشركة والمؤسسة بطريقة مجزأة مفصولة عن بعضها البعض، بتقنيات متنوعة وربما مختلفة وغير متوافقة، هو أمر يقلل من القدرة على التحول الرقمي، وأن فكرة النسيج الشامل الذي يقبل التنوع بداخله، في إطار بنية واحدة هي البديل المناسب للتعامل مع معضلات الاتمتة التقليدية، المحكومة باعتبارات منها قلة الميزانية، أو عثرات التنفيذ، أو الترهل والتفكك الإداري وغير، وعدم توافق الرؤي بين الإدارات والاقسام المختلفة.
5 سلوكيات أساسية مطلوبة من الشركة لضمان تطبيق ناجح لنسيج الاتمتة
ويضيف التقرير إن جزر الأتمتة تؤدي إلى رؤية قصيرة النظر لما هو ممكن، حيث تتقاطع الإدارات والشركات مع العديد من برامج التشغيل الآلي التي يوجد كل منها في صومعته الخاصة، على سبيل المثال ، قد يستخدم الفريق المالي لشركة ما تقنية آر بي أية، في حين أن فريق تكنولوجيا المعلومات يدافع عن كود منخفض أو ذكاء اصطناعي، ويشتغل مركز الاتصال في روبوتات المحادثة، وهكذا تمنع صوامع الأتمتة بين المبادرات التقنية المختلفة الفرق المختلفة، والشركة ككل من جني أوجه التآزر الواضحة بين هذه التقنيات المتنوعة المتقاربة.
ومن ناحية أخرى، يؤدي الاعتماد المفرط على تقنية واحدة إلى نتائج دون المستوى الأمثل، حيث يمكن للشركات أن تفرط في الالتزام بتكنولوجيا أتمتة معينة دون التفكير فيما إذا كانت أفضل طريقة لتحقيق الهدف، ولا سبيل لتفادى ذلك أفضل من نهج “نسيج الاتمتة” الذي يستخدم أساليب تطوير شاملة خاضعة للحوكمة والتقييم.
ويؤكد التقرير النهج التكتيكي يسمح فقط للعمليات والتطبيقات القديمة غير الفعالة أن تظل معطلة. وإذا سمحت للعمليات بالانتشار دون إدارة قوية ، فقد ينتهي الأمر بالأتمتة إلى جعلها أكثر هشاشة. وهذا يتسبب في عدم القدرة على التنبؤ على المدى القصير ويخلق ديون تقنية طويلة الأجل تعيق التحول الرقمي وتقلل فرص نجاحة.
خمسة سلوكيات للمساعدة
في النهاية يوصي التقرير المؤسسات والشركات بتبني خمسة سلوكيات للمساعدة في تطبيق مفهوم “نسيج الاتمتة بنجاح، وهي:
ـ يجب على الرؤساء التنفيذيين ورؤساء الشركات أن يتبنوا الأتمتة ويقودونها على أنها “حركة إستراتيجية”، يمكن أي يوضع بداخلها هدفًا جريئًا ومثيرًا للشعور “لتحقيق التحول الذي يغذيه الأتمتة.
ـ إحداث التقارب والتمازج بين مبادرات الأتمتة المجزأة بدلاً من تركها باقية في صوامعها الخاصة، وتوحيد مجموعات مهارات الأتمتة المتعددة مثل آر بي أية ، والتعليمات البرمجية المنخفضة ، وواجهات برمجة التطبيقات ، وعلوم البيانات ، والتعلم الآلي في إطار عمل مشترك، يرفع من فرص نجاحها جميعا.
ـ استخدم بطاقات الأداء المتوازنة للتحكم في الأتمتة وتوفير رؤية لتأثيرها الحقيقي.
ـ إعطاء الفرصة المناسبة لمستخدمي الأعمال لقيادة المسئولية في بعض عمليات وبرامج خطة “نسيج الاتمتة”، بعبارة أخرى منحهم الفرصة لبناءد ودعم الاتمتة، وعدم قصر الأمر على التقنيين فقط.
ـ جعل تجربة المستخدم والعميل محور تركيز رئيسي، فغالبًا ما لا يتمتع تصميم الأتمتة بتجربة مستخدم أو دعم لتجربة العملاء، وهذا يتعارض مع حقيقة أن الموظفين والعملاء غالبًا ما يتفاعلون أكثر مع الأتمتة، ويجب على المؤسسات أن تجعل أدوات تجربة العملاء ، مثل رسم خرائط رحلة العميل ، جزءًا أساسيًا من مجموعة أدوات الأتمتة.