مع تزايد وتنوع مفهوم الأجهزة القابلة للارتداء، بات من المتوقع ان يأتي عليك يوم ترتدي فيه في وقت واحد نظارة ذكية، وسماعة ذكية، وساعة ذكية، فضلا عن حمل هاتف ذكي، وذلك لأغراض العمل والترفيه، وربما يضاف لذلك منظم ذكي لضربات القلب، وحاقن ذكي لتنظيم جرعات الانسولين وغيرها من أجهزة الرعاية الصحية ، ولأن كل هذه الأجهزة تعمل ببطاريات قابلة لإعادة الشحن، سيتعين عليك حمل شواحن وبطاريات بديلة واسلاك لتأمين الطاقة لكل ذلك، مما سيمثل معضلة تحد من استخدامك لهذه الاجهزة، لكن هذا ليس رأى العلماء الذين يؤكدون امكانية استخدام جسمك كوسيط أو كابل ينقل الطاقة من هاتفك المحمول، ويشحن بها عشرة من الأجهزة القابلة للارتداء على الأقل، بسرعة وسلاسة ودون ضرر على الإطلاق.
|
مفهوم “استخدام الجسم البشري كوسيط ناقل للطاقة من مصدر واحد إلي أجهزة متعددة قابلة للارتداء”، ابتكره فريق من العلماء بقسم الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات ومعهد إن وان للصحة بجامعة سنغافورة الوطنية، ونشر ملخصا له على موقع الجامعة، بعد قيامه بنشره أكاديميا بمجلة نيتشر الكترونيك، ويمكن مطالعة تفاصيل البحث المنشور بالمجلة كاملة هنا، وضم الفريق الذي حقق هذا الإنجاز كل من الدكتور جيرالد يو الأستاذ المساعد بالجامعة، والدكتورة لي جيامان، والدكتور دون ينلونج الباحثان بالجامعة.
الدوافع الاساسية
ووفقا لما نشره الفريق فإن الدوافع لهذا البحث، تمثلت في أن التطورات في مجال التكنولوجيا القابلة للارتداء باتت تعمل على إعادة تشكيل الطريقة التي نعيش بها ونعمل ونلعب، وكذلك كيفية تقديم الرعاية الصحية وتلقيها، وتشمل الأجهزة القابلة للارتداء التي شقت طريقها إلى الحياة اليومية الساعات الذكية وسماعات الأذن اللاسلكية ، بينما في إعداد الرعاية الصحية ، تشتمل الأجهزة الشائعة على الحقن القابلة للارتداء ، واجهزة مراقبة مخطط القلب الكهربائي ، ومساعدات السمع وغيرها الكثير.
وتمثل الحاجة الي شحن بطاريات متعددة جنبا الي جنب إحدى النقاط الصعبة وغير المريحة التي تواجه استخدام هذه الأجهزة القابلة للارتداء بصورة مجمعة في الحفاظ على تشغيل هذه الأجهزة بشكل صحيح ومريح، حيث يجد العديد من المستخدمين صعوبة في شحن العديد من الأجهزة كل يوم ، كما تحدث اضطرابات في الخدمة عند نفاد البطاريات، ربما تشكل تهديدا للصحة إذا كانت مرتبطة بأجهزة توفر خدمات رعاية صحية حرجة كمنظمات القلب.
وبالإضافة لذلك فإن الأساليب التقليدية لتشغيل الأجهزة القابلة للارتداء في منطقة الجسم مقيدة بالمسافة التي يمكن أن تنتقل بها الطاقة ، و “المسار” الذي يمكن أن تقطعه الطاقة دون مواجهة العوائق ، واستقرار حركة الطاقة، وعلى هذا النحو ، لم تكن أي من الأساليب الحالية قادرة على توفير طاقة مستدامة للأجهزة القابلة للارتداء الموضوعة حول جسم الإنسان بأكمله.
الجسم هو الحل
|
لحل هذه المعضلة، انطلق الفريق البحثي من ملاحظة واقعية بسيطة، وهي أن الجسم البشري هو الوسيط الذي يتماس ويتلاحم مع هذه الأجهزة كافة طوال الوقت، وبالتالي فإن أمكن استخدامه بأمان وسهولة كناقل للطاقة من مصدر واحد، فيمكن شحن جميع هذه الأجهزة في وقت واحد أو عند الحاجة.
بعبارة أخرى قرر الفريق تصميم نظام استقبال وجهاز إرسال يستخدم جسم الإنسان كوسيلة لنقل الطاقة وتجميع الطاقة. يحتوي كل جهاز استقبال وجهاز إرسال على شريحة تُستخدم كنقطة انطلاق لتوسيع التغطية على الجسم بالكامل.
بعد تجارب عديدة طور الفريق نموذجا اوليا لنظام الشحن باستخدام الجسم كوسيط ناقل للطاقة، ويتكون الجهاز من جزء يقوم بمهمة إرسال الطاقة من المصدر الذي يمكن ان يكون هاتف ذكي أو ساعة ذكية، وجزء آخر يقوم بمهمة استقبالها لدي الأجهزة الأخرى القابلة للارتداء، ويتم تمرير الطاقة عبر الجسم بقدرة ضئيل، لا تشكل إزعاجا أو خطرا من أي نوع، لأن الطاقة في هذه الحالة تكون في وضعية مماثلة لوضعية الطاقة التي يتعايش معها جسم الإنسان طوال الوقت، كالموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من أجهزة التليفزيون وشاشات الحاسبات وغيرها.
|