لا يزال الملايين يستخدمون فأرة الحاسب أو “الماوس”، من دون معرفة أن هذه الأداة الصغيرة المدهشة، كان اسمها في الأصل قطة، لكن القطة ماتت وعاش الفأر ليكمل مسيرته حتي بلغ الأربعين من العمر أول أمس، واحتفل عالم التقنية بهذه المناسبة احتفاء به، فقد وافق يوم 27 ابريل مرور أربعين عاما على وصول الماوس كمنتج تجاري للأسواق بصفة رسمية في صباح يوم 27 ابريل عام 1981، وهو اليوم الذي جاء بعد مرور 13 عاما، على عرضه كأداة في ديسمبر 1968.
|
احتفل بعيد ميلاد الماوس الأربعين، العديد من علماء وباحثي ومحترفي التقنية ومؤرخيها، وجاء الاحتفال تحت شعار “بعض الأشياء الصغيرة تصنع أعظم الاختلافات”، على اعتبار أن ظهوره واستخدامه على نطاق واسع، لعب دورا عظيما ومهما في الانتقال بتقنية المعلومات وعالم الحوسبة، من عصر التعامل بالنصوص المكتوبة كلية، والتي انطوت على قدر هائل من التعقيد والبطء والصعوبة، إلى عصر الشاشة العاملة بالرسوميات والحركة البصرية السهلة السريعة، مما مهد لانتشار الحاسبات وتطبيقاتها على نطاق واسع كما نعرفها اليوم، وبهذه المناسبة نشر الكاتب البريطاني لوك دورميهل المتخصص في التقنية ومؤلف كتاب “آلات التفكير والصيغة: كيف تحل الخوارزميات جميع مشاكلنا … وتسبب المزيد” تحليلا مطولا بموقع ديجيتال تريند، استعرض فيه مسيرة الماوس منذ أن كان فكرة وحتي الآن، ونقدم فيما يلي خلاصة له.
البداية
بدأ التفكير في الماوس كفكرة منذ النصف الثاني لستينيات القرن الماضي، ولم يكن هناك احد ساعتها يتحدث عن شيء اسمه الماوس، بل كانت هناك بحوث جارية عن أداة يمكنها تحسين طريقة التعامل مع الحاسبات، وجعلها اكثر سرعة وسلاسة وبساطة، وكان العالمان دوج إنجلبارت، وبيل إنلجش الباحثان في مركز الأبحاث الأمريكي “إس آر آي انترناشونال” في طليعة من تمكنوا من بلورة فكرة لهذه الأداة، وقدما عرضهما الأول لها كفكرة في ديسمبر 1968، حيث قام الدكتور انجلبارت بعض تصوره عن نوافذ ورسوميات الحاسب ومؤتمرات الفيديو ومعالجة الكلمات والتحرير التعاوني وأداة التأشير على الشاشة ومعها الأداة الخارجية المصممة على شكل اقرب للفأر ذي الذيل الطويل، وغير ذلك الكثير، مما جعل العرض حدثا يعرف في كتب التاريخ باسم “أم العروض التجريبية” لما احتواه من أشياء باتت هي عماد صناعة التقنية اليوم.
|
الطريف أن التصميم الأساسي لفكرة انجلبارت تضمن أن المؤشر أو السهم الذي يظهر على الشاشة، كأداة للإشارة، كان يحمل اسم “القطة”، وكان من المنطقي أن يقوم سهم الإشارة الذي يظهر على الشاشة ويحمل اسم القطة بمطاردة حركات الفأر الصادر عن ذلك التصميم الأقرب للفأر، ويقبض عليه المستخدم، ويخرج منه سلك على شكل الذيل، لكن الأمر لم يمضي على هذا النحو، واختفي اسم القطة تماما، وبات الماوس يدل على الأمرين، الأداة نفسها التي يتم الإمساك بها، وسهم الإشارة على الشاشة، لتموت القطة ويعيش الفأر، من دون أن يعرف أو يتذكر ما يمثله هذا الامر على وجه التحديد الآن.
شق الفأر طريقه من معامل إس آر آي، ليصل إلي مركز الأبحاث الأسطوري في ذلك الوقت الذي يحمل اسم “بارك” وتملكه وتديره شركة زيروكس، ليحقق نقلة نوعية، من مجرد فكرة إلي نموذج أولي إلي منتج تجريبي، ظهر لأول مرة عام 1973 مع حاسب يسمي “آلتو” بيع منه حوالي 100 وحدة فقط.
بعد مرور عدة سنوات على فشل آلتو التجريبي، وتحديدا في وفي 27 ابريل 1981 ، وصل أول ماوس تجارى في العالم ، مرتبطًا بحاسب شخصي باهظ الثمن ومستقبلي بالكامل، من انتاج زيروكس، يحمل اسم “زيروكس ستار”، وجاء مزودًا بذاكرة تصل إلى 1.4 ميغا بايت ، وما يصل إلى 40 ميغا بايت من مساحة تخزين القرص المحلي ، وشاشة مقاس 17 بوصة ، ومحرك أقراص مرنة قياس 8 بوصات واتصال إيثرنت ، وواجهة مستخدم رسومية ، وماوس ميكانيكي، وعرض بسعر 16500 دولار، تعادل حاليا 48000 دولار، وتوقع الكثيرون أن تكون له سوقا ضخمة، لكنه فشل أيضا في البيع بكميات كافية.
|