روبوتات الدردشة  الطبية: ثورة يعوزها التعاطف وتأمين البيانات

روبوتات
شهدت السنوات القليلة الماضية انتشار ما يعرف بظاهرة روبوتات الدردشة، وهي منصات دردشة قائمة على خوارزميات مدعومة بالذكاء الاصطناعي يتم استخدامها في كثير من الخدمات والمنصات الاجتماعية. لكن في الآونة الأخيرة بدأ الحديث عن استخدام هذه الروبوتات في القطاع الصحي كجزء من خطة رقمنة هذا القطاع، وإتاحة المزيد من الخدمات للمستفيدين منه، وتقليل العبء على من يقدمون الخدمة. وإزاء ذلك بدأ التفكير في أن تكون هذه الروبوتات هي نقطة الاتصال الأولى في تلقي المساعدة الطبية.
منصات مدعومة بالذكاء الاصطناعي

نقطة الاتصال الأولى لتلقي المساعدة 

تقدم خدماتها للآباء الجدد والمسنين

الرعاية في أي وقت
لفت هذا الأمر اهتمام موقع بي بي إن تايمز الذي حاول طرح الفكرة من جميع جوانبها ورصد مميزاتها وعيوبها، وخلص  الموقع إلى أنه من  أهم ميزات هذه الروبوتات  ضمان الوصول للرعاية الصحية في كل وقت. فمن  ضرورات الرعاية الصحية المثالية أن يكون الطبيب موجودا في كل وقت يحتاج إليه المريض، ليرشده على مدار الساعة لما يحتاج إليه، ويرد على أسئلته الخاصة بتفاصيل العملية العلاجية. لكن الطبيب عادة لا يجد الوقت الكافي للقيام بهذه المهمة، خاصة إذا تكرر الأمر مع عدد كبير من المرضى، وهنا يمكن لروبوتات الدردشة القيام بهذه المهمة ومساعدة الطرفين.
لمن تقدم الروبوتات خدماتها
ووفقا للسياق السابق يمكن لروبوتات الدردشة أن تقدم خدماتها للكثيرين، من ذلك مثلا الآباء الجدد الذين لا يمتلكون الخبرة الكافية لرعاية الرضع، ويضطرهم هذا الأمر إلى ملاحقة الأطباء بعشرات الاسئلة البسيطة حول أنواع الطعام ووضعيات النوم وتغير درجات الحرارة أثناء التطعيمات وما شابه، وهو أمر يضع الأطباء تحت ضغط شديد، فمن أين لهم الإجابة على كل هذه التساؤلات التي يطرحها عشرات الآباء يوميا. من ناحية أخرى فإن المسنين يحتاجون إلى رعاية مماثلة خاصة فيما يتعلق بالأدوية وجرعاتها وتناول الأدوية المتعارضة وغير ذلك.
في هذه الحالات يمكن للروبوتات أن تبلي بلاء حسنا، حيث يمكنها الرد على الأسئلة التي توجه إليها، فضلا عن قدرة هذه الروبوتات على تلقي وتحليل المعلومات التي تقدم إليها من خلال تطبيقات الرعاية الصحية في أجهزة اللياقة البدنية والهواتف الذكية والأجهزة الذكية القابلة للارتداء، كتغير درجات الحرارة ومعدل ضربات القلب ومستويات السكر والأوكسيجين في الدم. ومن خلال مراقبة هذه البيانات يمكن لروبوتات الدردشة تقدير الظروف الصحية للمريض، وإذا بدا أن الحالة تطلب مساعدة الطبيب، يمكن للروبوت أن يسأل المريض عما إذا كان يرغب في تحديد موعد مع الطبيب.
الرعاية النفسية
من ناحية أخرى يمكن لروبوتات الدردشة أن تقوم أيضا بخدمات الرعاية الصحية في المجال النفسي من خلال التحدث مع المرضى والتعرف على حالاتهم المزاجية ومن ثم مساعدتهم في التغلب على القلق والاكتئاب والوحدة. كما ان هذه الروبوتات تتميز بكونها لن تطلق الأحكام على مستخدمها ولن تفشي أسراره للجيران أو الأصدقاء.
التأمين الصحي
يرى الخبراء أيضا أن روبوتات الدردشة يمكنها أن تعمل في مجال التأمين الصحي، حيث يمكنها وقتها مراقبة الظروف الصحية للمرضي وتكرار زيارتهم للعيادات المختلفة، ومن ثم تقديم التوصيات الملائمة لسياسات التأمين الواجب اتباعها. وبذلك تجنب المستخدمين الإعلانات المزعجة وغير الضرورية التي يتكرر ظهورها على هواتفهم الذكية لدفعهم لاختيار سياسات تأمينية معينة. وفي هذه الحالة يمكن لروبوتات الدردشة تقليل الحاجة لاستشارة المتخصصين وتوفير الوقت والمال. ويمكن أيضا لروبوتات الدردشة القيام بتقديم خدمات الدفع البسيطة وبعض الخدمات الشخصية وتبسيط عمليات المطالبة المادية.
غير أن الأمور لا يمكن أن تسير دوما على منوال واحد، فقد رصد خبراء الموقع أيضا بعض السلبيات التي قد تترتب على استخدام روبوتات الدردشة في مجال الرعاية الصحية، من ذلك مثلا:
فقدان التعاطف
فعلى الرغم مما يقال من إن الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلات والبرمجة اللغوية استطاعوا تطوير روبوتات الدردشة لمستويات متقدمة تصل إلى حد الشعور بنفس المشاعر الإنسانية، فإن هذا القول صحيح في حدود معينة. فهذه الروبوتات لم تبلغ حد الذكاء الذي يمكنها من إبداء التعاطف بعد، كما أنها لا تستطيع إعطاء مشاعر متفردة لكل شخص على حدة والتجاوب بشكل متباين مع هؤلاء الذين يرغبون في ان تأخذ الدردشة طابعا رسميا، وهؤلاء الذين يفضلون أن تكون طريفة وفكاهية، أو هؤلاء الذين يفضلون الحديث بشكل غير رسمي. ولا تستطيع روبوتات الدردشة التفرقة بين نبرة المتحدثين، كما أنه لا يمكنها مواصلة المحادثة في بعض الأحيان، ومن ثم إذا اضطر المستخدم لإيقاف الدردشة لأمر ما، يجب عليه إعادتها مرة أخرى ليفهم الروبوت السياق كله، بل إن توجيه أسئلة متعددة أحيانا يربك الروبوتات فتعطي إجابات لا تتصل بالموضوع.
ولا شك أن نقص التعاطف ونقص الوعي بمجمل السياق قد يترتب عليه نتائج سيئة في مجال الرعاية الصحية. ويبدو هذا الأمر جليا عندما يتعامل المرضى النفسيون الذين يشعرون بالقلق والوحدة والضغوط مع هذه الروبوتات التي لا تتعاطف معهم بالدرجة الكافية أو لا تتذكر سياق الحديث، فالأمر بالطبع سيكون محبطا للغاية بالنسبة لهم وقد يزيد حدة مرضهم.
التأمين والخصوصية
يتطلب نجاح تجربة روبوتات الدردشة إلى تدريبها بشكل جيد، ويحتاج هذا التدريب بدوره إلى جمع المعلومات. لكن قيام هذه الروبوتات بجمع المعلومات من المرضى قد يعرضهم للخطر، وذلك إذا تعرضت المعلومات الخاصة بهم إلى خطر التسريب أو الهجوم أو لإساءة الاستخدام، خاصة أثناء عمليات الدفع المتعلقة بالتأمين الصحي مثلا.
ثورة طبية
في النهاية يؤكد الخبراء انه إذا تم التغلب على هذه المخاوف، فإن روبوتات الدردشة ستؤدي دورا مهما في مجال الرعاية الصحية وبتكلفة محدودة قد تجعلها ثورة حقيقية في المجال الطبي.