وحدات تخزين و”رامات” بميكانيكا الكم سرعتها 2000 ضعف الحالية

شرائح
في خطوة جديدة ومهمة تعد الأولى من نوعها في تاريخ صناعة تقنية المعلومات والالكترونيات، وتمثل ثورة في صناعة شرائح الذاكرة، ابتكر فريق من العلماء شريحة ذاكرة الكترونية جديدة، أطلق عليها “شريحة الرامات العالمية الفائقة”، تجمع بين خصائص النوعين الشائعين والأكثر انتشارا في مجال شرائح الذاكرة منذ نشأة صناعة تقنية المعلومات، وهما شرائح ذاكرة الوصول العشوائي الديناميكية، المعروفة على نطاق واسع باسم “الرامات”، وشرائح الذاكرة الالكترونية الومضية، المستخدمة في التخزين، والمعروفة باسم “الفلاشات”، وتقوم الشريحة الجديدة بوظائفهما معا، على الرغم من كون هذه الوظائف ظلت مختلفة ومتناقضة مع بعضها البعض منذ نشأة صناعة الشرائح، كما تملك خواص جديدة في السرعة والقوة والاستدامة، تعادل 2000 ضعف جودة الخصائص الموجودة بالشرائح الحالية من النوعين معا.
صممت بخاصية “الرنين النفقي” لميكانيكا الكم
تتمتع بقوة وسرعة ذاكرة الوصول العشوائي
تخزن المعلومات بصفة دائمة كالفلاشات
نفذ هذه الخطوة المهمة فريق من العلماء بجامعة لانكستر البريطانية، ونشر تفاصيلها في ورقة بحثية بمجلة الجمعية الدولية لمهندسي الكهرباء والالكترونيات “آي 3 إي” ، وجاء البحث تحت عنوان ” الترا رام: نحو تطوير ذاكرة وصول عشوائي غير متطايرة من النوع في III-“، ويمكن مطالعة البحث كاملا هنا.
أنواع الذاكرة
شرائحللتعرف على أبعاد التطور الجديد، وما يحمله من أهمية، يتعين الإشارة أولا إلي النوعين السائدين في شرائح الذاكرة الالكترونية منذ ظهورها وحتي الآن، الأول هو شرائح ذاكرة الوصول العشوائي ، المعروفة تجاريا وبين المستخدمين بشرائح ” الرامات”، وقد ظهر منها أجيال حديثة ديناميكية، فأصبحت تعرف باسم شرائح ” دي رام”، ومن أبرز خصائص هذه الذاكرة، أنها سريعة للغاية، وقوية جدا في عملها، لكن طبيعتها الفيزيائية متقلبة وغير ثابتة، مما يجعلها متطايرة، بمعني أنها تتعامل في البيانات حينما تكون موصولة بالطاقة، وبمجرد فصل الطاقة عنها، تتطاير منها البيانات ويتم محوها تماما، لذلك فهي تستخدم في أعمال الذاكرة النشطة، أو الأعمال التي تتم أثناء وجود الحاسب أو الجهاز في حالة تشغيل، أو حالة نشطة، للاستفادة من سرعتها وقوتها، لتعمل جنبا الي جنب مع وحدة المعالجة المركزية “المعالج” وبقية مكونات الجهاز، ولذلك فهي في الواقع وحدة ذاكرة وقتية مؤقتة، تنسي باستمرار، وتحتاج إلي التحديث باستمرار، وغير مناسبة للتخزين مطلقا.
النوع الثاني هو شرائح الذاكرة الومضية، وهي معروفة على نطاق واسع بين المستخدمين باسم “الفلاشات”، ومن الناحية التقنية، هي شرائح ذاكرة الكترونية، تعمل بالوميض الضوئي، كآلية للتعامل مع البيانات، وطبيعتها الفيزيائية مستقرة ثابتة، وبالتالي فإن البيانات التي تتعامل فيها، يمكن تخزينها بصورة دائمة، سواء تم فصل الطاقة عنها أم لا، ولا يتم محوها إلا بأوامر مباشرة من المستخدم، أو برنامج متخصص في إدارة تخزين البيانات، لكن طبيعتها الثابتة غير المتطايرة جعلتها أبطأ كثيرا وأقل قوة، في التعامل مع البيانات، مقارنة مع شرائح ذاكرة الوصول العشوائي، لذلك فهي تستخدم في أغراض التخزين، وتعمل كوحدات تخزين رئيسية داخلية بالأجهزة المختلفة، كما هو الحال مع وحدات تخزين “إس إس دي”، أو كوحدات تخزين خارجية متنقلة، كما هو الحال مع وحدات الفلاش، ووحدات مايكرو اس دي.
وهكذا فإن النوعين يعتبرا طرفين متناقضين، لكل منهما طبيعته الفيزيائية الخاصة، التي لا يمكن لها أن تجتمع مع الأخرى، وما قام به فريق لانكستر أنه كسر هذه القاعدة، وابتكر شريحة تجمع بين خواص الطبيعتين الفيزيائيتين المتناقضتين معا لأول مرة، وهنا تكمن قيمة البحث.
الرنين النفقي
قال الدكتور مانوس هاين رئيس الفريق البحثي، أنه وفريقه استطاعوا الجمع بين النوعين المتناقضين من شرائح الذاكرة، في شريحة واحدة جديدة، من خلال الاعتماد على ظاهرة في ميكانيكا الكم، تعرف باسم “تأثير الرنين النفقي”، تبين من البحوث أن لديها القدرة على إحداث تغييرات في الطبيعة الفيزيائية لشرائح ذاكرة الوصول العشوائي، وتحديدا خاصية التقلب وعدم الاستقرار بمجرد فقدها للطاقة.
تم في البحث استغلال هذه الظاهرة ـ كما يقول الدكتور مانوس ـ وفق منهجية مبتكرة من قبل الفريق، لتصميم شريحة ذاكرة، لها قوة وسرعة شرائح ذاكرة الوصول العشوائي “الرامات” لكن في الوقت نفسه تكون مستقرة غير متقلبة، ومن خلال تطبيق هذه المنهجية، نجح الفريق في استغلال ظاهرة “الرنين النفقي” لميكانيكا الكم، في الوصول شريحة رامات، تغيرت طبيعتها المتقلبة المتطايرة، وأصبحت ثابتة مستقرة، وفي الوقت نفسه تم رفع سرعتها وقوتها في التعامل مع البيانات إلي ما يعادل ألفي ضعف سرعة وقوة شرائح ذاكرة الوصول العشوائي الحالية، وكذلك جعلها تمتلك قدرة تعادل مئات المرات قدرة شرائح الذاكرة الومضية على تخزين والاحتفاظ بالمعلومات.
مصفوفات صغيرة
أوضح الباحثون في ورقتهم البحثية، أنهم تمكنوا من بناء نماذج تجريبية أولية من شرائح ذاكرة بالمفهوم الجديد، أطلقوا عليها ” شرائح الرامات العالمية الفائقة” أو ” ألترا رام”، وهي تضم مصفوفات صغيرة، تعمل على مستوي 4 بت من البيانات، وفي انتظار حصولها على براءة اختراع، وينتظر تطبيق تأثير الرنين النفقي لميكانيكا الكم عليها بصورة موسعة في مراحل لاحقة، للاستفادة الكاملة من كل القدرات الكامنة في الرنين النفقي، والتي يري العلماء أنها سوف تقود إلي شرائح بالغةالسرعة، تتحمل دروة برمجة ومسح أفضل بعشر مرات على الأقل من وحدات الفلاش، دون أي حل وسط أو تأثير على الاحتفاظ بالبيانات.
المرحلة الاستكشافية
بحسب الفريق فإن البحث بكامل نتائجه، لا يزال في المراحل الأولى الاستكشافية، التي تثبت صحة الفرضية أو المفهوم، لكنه يتطلب الكثير من الجهد لاستكماله، ونقلة تدريجيا من الحالة البحثية، إلي الحالة الإنتاجية، وإذا ما أثبتت البحوث والتجارب المقبلة، سلامته العلمية والتقنية، والتصنيعية، وجدواه الاقتصادية، سيكون عالم الشرائح الالكترونية، والأجهزة الالكترونية والحاسبات، وصناعة تقنية المعلومات ككل، قد بدأت عصرا جديدا، من القوة والسرعة وسعة التخزين.