أوراكل تتحول لعملاق سحابي وتعيد شراء 40% من أسهمها

بعد أن بلغ حجمها مئات التريليونات من الدولارات، بدأت سوق الحوسبة السحابية تشهد دخول لاعبين جدد إلى حلبة المنافسة على موارد هذه السوق التي تتسع باستمرار. وها هو عملاق جديد يستعد لاستعراض قدراته في قطاع الحوسبة السحابية العامة، مستندا إلى خبراته الكبيرة التي طالما اعترف بها قطاع التقنية. لا يخفي على أحد أن هذا العملاق هو شركة أوراكل التي تراهن على تجديد أنشطتها وعلى نسخة سحابية من مجال عملها الأساسي الخاص ببرامج قواعد البيانات.
أعادت هيكلة برمجيات المؤسسات ودعمت الربحية
أسهمها تعاود الارتفاع والعائدات 40 مليار
عقد من الهدوء انتهي بتحول سحابي ناجح
 وعلى الرغم من أن أوراكل استطاعت بالفعل تنمية عوائدها في مجال التطبيقات السحابية الخاصة بالمؤسسات، إلا أنها تطمح إلى الغرف من نفس المعين الذي تنهل منه الشركات الشهيرة كأمازون وميكروسوفت وجوجل، وهي سوق الحوسبة السحابية العامة المتاحة للجمهور والتي يقدر حجمها بتريليونات الدولارات.
الحوسبة السحابية العامة

والحوسبة السحابية العامة مصطلح يقصد به تحويل الحوسبة إلى خدمة كالماء والكهرباء. فبدلا من بناء مراكز بيانات خاصة وشراء الخادمات ووحدات التخزين ومعدات الشبكات، يستطيع من يريد أن يستفيد من هذه الإمكانيات الخاصة بالشركات المقدمة للخدمة. وإذا رغب في زيادة ما يحتاج إليه من هذه الإمكانيات أو تقليله، يستطيع ذلك بسهولة وسرعة ودون التورط بالاستثمار في الأجهزة والمعدات والمباني والبنية التحتية الخاصة بمراكز البيانات. ويتماشى ذلك مع الاتجاه المتنامي حاليا لتحويل جزء من أعمال أية شركة إلى الاعتماد على خدمات الحوسبة السحابية.
تطبيقات سحابية للمؤسسات
وتؤكد سافرا كاتز الرئيس التنفيذي للشركة أن أوراكل لديها مجموعة من التطبيقات الخاصة بالمؤسسات، ودخولها الحوسبة السحابية مفيد لعملائها، فتطبيقات الشركة تجعل بنيتها التحتية أفضل، والعكس صحيح لأن البنية التحتية للشركة تجعل تطبيقاتها أيضا أفضل. وتقول كاتز أيضا:” لدينا خبرات رائعة مكنتنا من إدارة أصعب الوظائف وأكثرها تعقيدا، وأعتقد أن العملاء ليسوا على استعداد للتضحية بالسرعة أو الأمان”
مجالات العمل الأساسية
وفي محاولة لرصد إمكانيات وقدرات أوراكل، قام موقع “ماركت ووتش” بتلخيص أعمال أوراكل بشكل بسيط مشيرا إلى أن مجال عملها ينقسم إلى قسمين: برنامج لتخزين المعلومات” قواعد البيانات”، وبرنامج للتجميع والمعالجة والعمل على هذه المعلومات ” تطبيقات المؤسسات”.
 أشار الموقع إلى أن أوراكل تقدم خدمات سحابية في مجال تخطيط موارد المؤسسات “إي آر بي”، وإدارة علاقات العملاء ” سي آر إم”، بالإضافة إلي تطبيقات “اتش سي إم” لإدارة الموارد البشرية، والنقطة الأهم في كل ذلك أن أوراكل تبيع برامج تأسيسية لإدارة الشركات الكبرى، لكنها لا تبيع شيئا للمستهلكين.
قيادات رائدة
وعلى مستوى القيادات في الشركة، يرى محللو الموقع أن أوراكل لديها قائدين رائدين في قطاع التقنية أحدهما يتحدث كثيرا والآخر لا يتحدث إلا نادرا، فلاري أليسون لا يزال رئيسا لمجلس الإدارة والمسئول التقني الأول بالشركة، ولا زال يمتلك 40% من أسهم الشركة، ورغم أنه على أعتاب السابعة والسبعين إلا أن لديه طاقة شاب في الثلاثين. وهو شخص يدوس على أقدام منافسيه بسهولة، كما انه شغوف بأوراكل للغاية. أما سافرا كاتز الرئيس التنفيذي فخجولة وبدأت عملها في المجال المصرفي ثم عملت في شركة هيوليت باكارد، وتحظى باحترام واسع في القطاع التقني.
الجوانب المالية
أما أمور أوراكل المالية فيقول الخبراء أنها لم تحقق تقدما كبيرا، ففي عام 2011 حققت الشركة مبيعات بلغت قيمتها 35.9 مليار دولار. ويقدر الخبراء المبيعات في عام 2021 بنحو 40 مليار دولار أي أنها حققت نموا تراكميا بلغت نسبته 11% فقط على مدى عشر سنوات، وهو معدل أقل كثيرا من معدل التضخم التراكمي. في الوقت نفسه استطاعت مبيعات مايكروسوفت النمو بنحو 134% خلال نفس الفترة.
عقبات خفية
ويرى الخبراء أن ثمة أمور تحت السطح تسببت فيما تعاني منه أوراكل، من ذلك مثلا أن عملية إدارة البرمجيات الخاصة بالمؤسسات أمر معقد، وكان على أوراكل إعادة بنائها لتتوافق مع المستقبل وهو ما استغرق منها وقت طويلا. لكنها على أية حال استطاعت أن تتخذ الخطوة المطلوبة. ويشير متابعون آخرون إلى أن موقف أوراكل الحالي يشبه موقف مايكروسوفت في عام 2014 عندما اختارت ساتيا ناديلا كرئيس تنفيذي، وانطلقت إلى عالم الحوسبة السحابية.
العملاء الحاليون والجدد
ومؤخرا بدأت أسهم أوراكل تعكس ما يحدث من تغيير، رغم أنها قضت سنوات طويلة لا تتأثر كثيرا. وهنا تؤكد الرئيس التنفيذي كاتز أن عدد عملاء شركتها يصل إلى مئات الآلاف، لذا فأمامها فرصة حقيقية لمساعدة كل هذا العدد على الانتقال إلى الحوسبة السحابية. ومع ذلك -بحسب قول كاتز- فإن لدي الشركة قاعدة من العملاء الجدد، بما في ذلك منصات بث الفيديو والمشروعات الجديدة التي لم تكن على علاقة في السابق مطلقا بقاعدة بيانات أوراكل. وتؤكد كاتز أن مستوى أداء أوراكل وميزاتها السرية في مواجهة منافسيها مقنعة للعملاء الحالين والجدد.
أوراكل تشتري نفسها
وعلى الرغم من أن شركة أوراكل لم تحقق نموا كبيرا في عوائدها على مدى العقد الفائت، فإنها استطاعت توليد الكثير من التدفقات النقدية التي سمحت لها بإعادة شراء 40% من أسهمها خلال السنوات العشر الماضية محققة نمو ربحي مطرد.
تقليد المنافسين
ويرى موقع ماركت ووتش أن رغبة أوراكل في المرحلة الأخيرة لشراء تطبيق تيك توك لا يعود إلى رغبتها في ممارسة دور في عالم الشبكات الاجتماعية، وإنما لرغبتها في أن تتساوى رأسها برأس اللاعبين الكبار في عالم الحوسبة السحابية كمنصة ” أية دبليو إس” الخاصة بأمازون ومنصة آزور التابعة لمايكروسوفت. ورغم أن أوراكل تواجه منافسين أقوياء كأمازون ومايكروسوفت وألفابيت، فإن شراء أسهم أوراكل كما يرى الخبراء مخاطرة تستحق المجازفة.