مراكز بيانات المستقبل ذاتية القيادة بلا إدارة بشرية

تمثل  مراكز البيانات، أعقد الكيانات في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، لما تحتويه من نظم متعددة متنوعة متعارضة أحيانا، بين مئات وربما آلاف الحاسبات الخادمة، ووحدات التخزين العملاقة، ومعدات التأمين فائقة القوة، وخطوط الربط عريضة النطاق، وأنظمة التبريد والتهوية العملاقة، ونظم التشغيل البرمجيات المعقدة، وفوق ذلك حمل أعمال غاية في الضخامة، مطلوب ألا يتوقف للحظة مهما كانت التحديات، مما جعل هناك احتياج لكفاءات بشرية عالية المهارات والتدريب، لإدارتها وتشغيلها، لكن كل هذه التعقيدات لم تمنع من أن تتجه الأجيال المقبلة من هذه الكيانات الفائقة التعقيد، إلي العمل بمفهوم القيادة الذاتية،  والخضوع لأنظمة تحكم وسيطرة، يديرها عليها الذكاء الاصطناعي، والتوائم الرقمية والروبوتات البرمجية، التي تتعامل مع القائمين عليها من البشر، أو مستخدمي خدماتها المختلفة، كاستضافة المواقع، وتقديم البرمجيات ونظم التشغيل والبنية التحتية كخدمة،، مع المراهنة علي أن القيادة الذاتية ستجعل خدماتها المقدمة لزبائنها ارخص، وكفاءتها أفضل، في مقابل تعقيد أعمق في بنائها وقدراتها.
أنظمة الطاقة  والصيانة  يديرها الذكاء الاصطناعي
الخدمات ارخص والكفاءة أفضل وتعقيد البناء أعمق
روبوتات برمجية وتواءم رقمية للتواصل 
 الاتجاه الخاص بتحول مراكز البيانات الضخمة إلي مفهوم القيادة الذاتية، أشارت إليه عدة دراسات صادرة عن مؤسسة جارتنر الدولية المتخصصة في بحوث سوق تقنية المعلومات ـ قائلة إن جيل مراكز البيانات ذاتية القيادة، هو جيل مستقبلي، علي الرغم من ظهور بعض نماذجه الأولية المحدودة، وهو يعتمد على أنظمة ذكاء اصطناعي، تتشابه الي حد ما، من حيث هيكليتها وطريقة عملها، مع أنظمة القيادة الذاتية للمركبات، وتتركز ملامحها الأساسية في خمسة مجالات على النحو التالي:
إدارة عبء العمل
في المراكز ذاتية القيادة، يتم توزيع أعباء العمل إلى البنية التحتية الأكثر كفاءة في الوقت الفعلي، سواء داخل مركز البيانات أو في بيئة السحابة المختلطة، بين البيئات المحلية والسحابة والحافة، حيث يتمتع نظام القيادة المستند للذكاء الاصطناعي بإمكانية النقل الآلي اللحظي لأحمال العمل إلى مكان التنفيذ المناسب، بقرارات تتم في الوقت الفعلي استنادا للعديد من المواصفات، كمستوي الأداء والتكلفة والحوكمة والأمن والمخاطر والاستدامة.
 إدارة الطاقة
تشير التقديرات إلى أن مراكز البيانات تستهلك 3٪ من إمدادات الكهرباء العالمية وتتسبب في حوالي 2٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومن شأن أنظمة القيادة الذاتية القائمة على الذكاء الاصطناعي أن تساعد مشغلي مراكز البيانات على فهم مشاكل التبريد الحالية أو المحتملة، مثل عدم كفاية توصيل الهواء البارد بسبب، على سبيل المثال، خزانة عالية الكثافة تمنع تدفق الهواء، وحدة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء ضعيفة الأداء، أو احتواء الهواء غير الكافي بين الممرات الساخنة والباردة، وبالتالي تعمل على تقليل تكاليف الكهرباء وتقليل عدد الموظفين وتحسن الكفاءة.
 الأمان
تتعرف أنظمة القيادة الذاتية على شكل حركة المرور العادية للشبكة، وتحديد الحالات الشاذة، وإجراء تصنيف وتجميع سريع للأحداث لتحديد الأحداث المهمة وفصلها عن الضوضاء، ومن ثم اكتشاف محاولات الاختراق والتسلل والسرقة في الوقت الفعلي. وحظرها وعزلها، ثم العودة لتقديم تقارير تحدد ما حدث بالضبط وما هي نقاط الضعف التي تمكن المخترق من استغلالها.
إدارة المعدات
يمكن لأنظمة القيادة الذاتية الذكية، مراقبة حالة الحاسبات الخادمة، وخوادم التخزين، ومعدات الشبكات، والتحقق لمعرفة أن الأنظمة تظل مكوّنة بشكل صحيح، والتأكد من مركز البيانات يعمل بالعدد الصحيح من الخوادم، وأن لديه أيضًا القدرة المتاحة لتدوير خوادم فعلية جديدة إذا كان هناك زيادة مؤقتة في الطلب ، وإذا اكتشفت أجهزة الاستشعار بالنظام ذاتي القيادة أن الخادم يعمل على درجة حرارة عالية جدًا، على سبيل المثال، فقد يقوم النظام بنقل أعباء العمل بسرعة وتلقائية إلى خادم غير مستغل بشكل كافٍ لتجنب انقطاع محتمل قد يؤثر على تطبيقات المهام الحرجة، ويمكن للنظام بعد ذلك التحقيق في سبب ارتفاع درجة حرارة الخادم، فقد تكون إحدى المروحة قد فشلت، أو مكونًا ماديًا على وشك الانهيار، أو ربما تم تحميل الخادم بشكل زائد.
الصيانة التنبؤية
مراكز البيانات مليئة بآلاف المعدات المادية التي تحتاج إلى صيانة دورية، وهنا تقوم أنظمة القيادة الذاتية بتجاوز مفهوم الصيانة المجدولة، وتطبيق الصيانة التنبؤية، القائمة على جمع وتحليل بيانات القياس التي يمكن أن تحدد مناطق معينة تتطلب اهتمامًا فوريًا، لتفادي الأعطال قبل أن تقع، لأنه يمكنها اكتشاف أن عنصرا ما أو فشلًا ما يلوح في الأفق، ثم تقرر لحظيا ما إذا كانت هناك حاجة إلى صيانة فورية لتجنب أي فقد في السعة قد يتسبب في انقطاع الخدمة.