الآلاف يعجبون بكاتب ويصفون لغته بالجميلة وهو برنامج ذكاء اصطناعي

علي مدار أسبوعين، سجل اكثر من 26 ألف شخص اعجابهم بالمنشورات والمقالات بمدونة أنشئت علي منتدي ” هاكر نيوز”، ووصفوا لغة كاتبها بأن لغة جميلة، وأفكاره بانها جديدة وجذابة، وظلوا كذلك قبل ان يتم الكشف عن الهوية الحقيقية لصاحب المدونة، ذي اللغة الجميلة والأفكار الجديدة الجذابة، ويتضح أنه ليس بكاتب أو مبدع من البشر، بل مجرد برنامج ذكاء اصطناعي، من البرامج المستندة إلي تقنية التعلم العميق، ومتخصص في توليد النصوص واللغة، وقام اثنان من الباحثين بجامعة كاليفورنيا بمدينة بيركلي الامريكية، بتشغيله، ليعمل تلقائيا، فأنشأ المدونة، ونشر المنشورات ودبج المقالات، قبل أن يقوم الباحثان بعد ذلك بإيقافه وإغلاق المدونة وسحب المنشورات.
أنشأ مدونة وكتب منشورات احتلت المركز الأول بمنتدي “هاكر نيوز”
باحثون  ينفذون التجربة استنادا لتقنية التعلم العميق
جدول واسع حول مستقبل الكتابة ومخاوف من إساءة الاستخدام
نشر الباحثان اللذان قاما بهذه التجربة تفاصيل تجربتهما بمجلة تكنولوجي ريفيو “تكنولوجي ريفيو technologyreview.com”، حيث قاما في تجربتهما باستخدام الإصدار الثالث والاحدث من برنامج يحمل اسم “جي بي تي ـ 3″، أو ” المحول التوليدي المدرب مسبقا”، وهو أحد البرامج المولدة للغة، الذي طورته مؤسسة الذكاء الاصطناعي المفتوح، أو “أوبن اية آي”، ومقرها سان فرانسيسكو، بعد عدة سنوات من البحث، ويستند إلي تقنية “التعلم العميق”، أحدي فروع الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
أسلوب التوليد
يقوم البرنامج بالبحث عن أنماط في البيانات والنصوص المخزنة به، ليولد منها نصوص جديدة تدور حول أفكار محددة، فهو مدرب على استخدام والتعامل مع مجموعة ضخمة من النصوص التي تم استخراجها من أجل ما يعرف بـ “الانتظام الإحصائي”، وحالات الانتظام الاحصائي هذه ليست معروفة للبشر، لكنها مخزنة كمليارات من الوصلات الموزونة بين العقد المختلفة في الشبكة العصبية للبرنامج، ولا توجد مدخلات بشرية متضمنة في هذه العملية، بل يقوم البرنامج بالبحث والعثور على الأنماط و ” الانتظامات الإحصائية” دون أي إرشادات ، ثم يستخدمها بعد ذلك لتوليد أو إكمال النصوص، فمثلا إذا أدخل مستخدم البرنامج كلمة ” نار”، فإن البرنامج يعرف على الفور أن كلمتي مركبة ومكافحة وتحذير، من المرجح أن يتبعهما كلمتي “مكافحة الحريق”، فيستعد لكتابة نص عن يتضمن “مركبة مكافحة الحريق، وهكذا حتي ينتج نصا كاملا حول وقوع حريق ومكافحته وخسائره، وهكذا يمكنه انتاج نصوص بناء على إرشادات بسيطة من البشر الذين يقومون بتشغيله، وتكون في صورة كلمات مفتاحية بسيطة، أو يقوم هو باستخلاص هذه الكلمات من نصوص أو منشورات يقوم بجلبها من المصادر المختلفة التي يمكنه الوصول إليها.
عند تنفيذ التجربة، قام الباحثان بدفع البرنامج لإنشاء مدونة، وكتابة منشورات، عبر اتاحة كلمات مفتاحية صغيرة، وعلي الفور انشأ البرنامج منشورات حول هذه الكلمات، ونشرهما على المدونة، وفي غضون ساعات كان لدي المدونة أكثر من 26 الف زائر، وكتب شخص واحد فقط متسائلا عما إذا كان المنشور تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، وقال أربعة اشخاص فقط أنهم يخمنون أن ” جي بي تي ـ 3″ هو مؤلف هذه النصوص ، لكن الغالبية الساحقة من المتابعين صوتت ضد هذه التعليقات، ووصف بعض المتحمسين اللغة بأنها “جميلة”.
جدل ومخاوف
بعد كشف حقيقة المؤلف وهويته البرمجية الاصطناعية، ثار الكثير من الجدل، حول تقنية توليد اللغة وبرنامج جي بي تي 3 وأشباهه، تارة بسبب الخوف علي مستقبل الكتابة، خاصة الإبداعية والنقدية منها، وتأثرها ببرامج الذكاء الاصطناعي، وتارة اخري بسبب المخاوف المتعلقة بإساءة الاستخدام، وتوجيه هذه الماكينات البرمجية الذكية، لتوليد محتوي زائف، أو كاذب، بشأن قضايا أو افراد او كيانات، ويشكل حولها وعيا مغلوطا وغير حقيقي.
وتشابهت موجة الجدل والقلق التي صاحبت التجربة الأخيرة، مع ما حدثن قبل عامين حينما طرحت مؤسسة الذكاء الاصطناعي المفتوح، الإصدار الأول من برنامج جي بي تي 3، أمام الباحثين والعلماء والمعنيين بقضية استخدام الذكاء الاصطناعي في اللغة وتوليد المحتوي، وأتاحت “واجهة تطبيقات برمجية” تمكن من يريد من الباحثين، من استخدام التقنية في بناء برامج وتطبيقات لأغراض مختلفة، وهو الأمر الذي صاحبته انتقادات واسعة، واعتراضات قوية، انتهت بقيام المؤسسة بحجب هذه التقنية، بسبب المخاوف من إساءة الاستخدام، وإغراق الانترنت بالمحتوي المزيف والضار، لكن خطوة الحجب ووجهت باعتراضات أشد واكثر عنفا، من مجتمع المطورين والباحثين، فعدلت المؤسسة عن قرارها، وقررت إتاحة الإصدار الثالث بصورة تجريبية أمام الباحثين، ولكن وفق طلبات خاصة، يتم دراستها وفحصها أولا، وبحسب ما أعلنته المؤسسة فإن سيجري التمهيد لتسويق هذه التقنية على نطاق واسع العام الحالي.